التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُجْرِمِينَ
٤٠
-الأعراف

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ }؛ أي الذينَ جَحَدُوا بآياتِنا وتَعَظَّمُوا عن الإِيْمانِ بها؛ لا تفتحُ لأرواحِهم أبوابُ السَّماءِ إذا مَاتُوا هَوَاناً، وتفتحُ للمؤمنينَ كرامةً لَهم. وَقِيْلَ: معناه: لا تفتحُ لأعمالِهم أبوابُ السَّماءِ؛ لأنَّها خَبيْثَةٌ، بل يَهْوِي بعملهم إلى الأرضِ السَّابعةِ، وتُرْقَمُ في الصَّخْرةِ التي تحتَ الأرضين كما قالَ اللهُ تَعَالَى: { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } [المطففين: 7-9].
قَوْلُهُ تَعَالَى: { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ } قراءةُ الأكثرينَ بالتَّاء المشدَّدة راجعةٌ إلى جماعةِ الأَبْوَاب. وقرأ بعضُهم بالياءِ والتخفيف؛ لأن تأنيثَ الأبواب ليس بحقيقيٍّ.
قَوْلُهُ تَعَالىَ: { وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ }؛ أي لا يدخلون الْجَنَّةَ أبَداً كما لا يدخلُ البعيرُ في خُرْمِ الإبرةِ. وهذا تَمثيلٌ في الدَّلالةِ على يَأْسِ الكفَّار من دخولِهم الجنَّة. والعربُ إذا أرادت تأكيدَ النَّفْيِ عَلَّقَتْهُ بما يستحيلُ كونُه، كما قالَ الشاعرُ:

إذا شابَ الْغُرَابُ أتَيْتُ أهْلِي وَصَارَ الْقَارُ كاللَّبَنِ الْحَلِيب

والْخِيَاطُ وَالْمَخِيْطُ بمعنى واحدٍ. وعن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه (أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجَمَلِ؛ فَقَالَ: هُوَ زَوْجُ النَّاقَةِ؛ كَأَنَّهُ اسْتَجْهَلَ مَنْ سَأَلَهُ وَتَعَجَّبَ مِنْهُ). وفي قراءة ابنِ عبَّاس: (حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ) بضمِّ الجيمِ وتشديد الميم، وهو حَبْلٌ يسمى القَلْسُ. وقال عكرمةُ: (هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُصْعَدُ بهِ النَّخْلُ). قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُجْرِمِينَ }؛ أي هكذا يُجزَون.