التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ
١
قُمْ فَأَنذِرْ
٢
-المدثر

التفسير الكبير

قال مقاتلُ: "ذلِكَ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسِيرُ إلَى جَبَلِ حِرَاءَ، إذْ سَمِعَ مُنَادِياً يُنَادِي مِنْ فَوْقِ رَأسِهِ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، فَنَظَرَ مِنْ خَلْفِهِ يَمِيناً وَشِمَالاً فَلَمْ يَرَ شَيْئاً، فَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ نُودِيَ الثَّانِيَةَ، فَنَظَرَ كَذلِكَ فَلَمْ يَرَ شَيْئاً فَفَزِعَ، فَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ، فَنُودِيَ الثَّالِثَةَ فَنَظَرَ إلَى خَلْفِهِ يَمِيناً وَشِمَالاً، ثُمَّ نَظَرَ إلَى السَّمَاءِ فَنَظَرَ مِثْلَ السَّرِيرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ عَلَيْهِ جِبْرِيل مِثْل النُّور المتوقِّد يتلأْلأُ، فَفَزِعَ فَوَقَعَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، ثُمَّ أفَاقَ فَقَامَ يَمْشِي وَرجْلاَهُ تصْطَكَّانِ.
فَرَجَعَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَصَبَّ عَلَيْهِ مَاءً بَارداً، فَقَالَ: دَثِّرُونِي دَثِّرُونِي فَدَثَّرُوهُ بقَطِيفَةٍ حَتَّى اسْتَدْفَأَ؛ فَلَمَّا أفَاقَ، قَالَ: لَقَدْ أشْفَقْتُ عَلَى نَفْسِي فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: أبْشِرْ فَلاَ يُخْزِيكَ اللهُ أبَداً، إنَّكَ لَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُقَوِّي الضَّعِيفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِب الْحَقِّ.
فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام وَهُوَ مُدَّثِّرٌ بثِيَابهِ عَلَى فِرَاشِهِ لَيْلاً، فَقَالَ: يَا أيُّهَا الْمُدَّثِّرُ بثِيَابهِ مُضْطَجِعاً عَلَى فِرَاشِهِ قُمْ فَأَنْذِرْ كُفَّارَ مَكَّةَ الْعَذابَ أنْ يُوَحِّدُوا رَبَّكَ، وَادْعُهُمْ إلى الصَّلاَةِ وَالتَّوْحِيدِ"
. والدِّثَارُ: ما تَدَثَّرْتَ به من الثَّوب الخارجِ. والشِّعَارُ: الثَّوبُ الذي يَلِي الجسدَ.