التفاسير

< >
عرض

لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
١٦
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
١٧
-القيامة

التفسير الكبير

قولهُ تعالى: { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ }؛ خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم يقول: لا تحرِّكْ بالقرآنِ لسَانَكَ، { لِتَعْجَلَ بِهِ }؛ بقراءتهِ قبلَ أن يفرُغَ جبريلُ من قراءتهِ عليك، وذلك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذا نَزَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْوَحِيِ لَمْ يَفْرُغْ جِبْرِيلُ مِنْ آخِرِهِ حَتَّى تَلاَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مَخَافَةَ أنْ يَنْفَلِتَ مِنْهُ، فَأَعْلَمَهُ اللهُ بقَوْلِهِ: { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ }؛ أي إنَّ علينا حفظَهُ في قلبكَ، وتأْلِيفَهُ على ما يأمرهُ الله به، وأعلَمهُ بأنه لا يُنسِيه إيَّاهُ، كما قال تعالى { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } [الأعلى: 6] فلم ينسَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم شَيئاً حتى ماتَ.
وعن ابنِ عبِّاس في معنى هذه الآيةِ قال: ((كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شَدَّةً، كَانَ إذا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ قَبْلَ فَرَاغِ جِبْرِيلَ مِنْ قِرَاءَةِ الْوَحْيِ مَخَافَةَ أنْ لاَ يَحْفَظَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ الآيَةَ: { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ }). ومثلُهُ قوله
{ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } [طه: 114]. قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ } في صَدركَ { وَقُرْآنَهُ } أي إنَّ جبريل يَقرؤُه عليكَ حتى تَحفظََهُ.