التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً
٣٩
إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً
٤٠
-النبأ

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ }؛ أي ذلك اليومُ وُصِفَ هو الحقُّ، { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً }؛ أي رَجْعاً حَسناً؛ أي مَن شاءَ رجَعَ إلى اللهِ بطاعته.
ثم خوَّف الكفارَ فقال تعالى: { إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً }؛ أي خوَّفناكم من عذابٍ قريب كائن، يعني عذابَ الآخرةِ، وكلُّ ما هو آتٍ قريبٌ، والخطابُ لأهلِ مكَّة. ثم بيَّن متى يكون ذلكَ العذابُ، فقالَ تعالى: { يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } أي يومَ يرَى الرجلُ فيه جزاءَ عملهِ في الدُّنيا من خيرٍ أو شرٍّ، وخَصَّ اليدَين؛ لأنَّ أكثرَ العملِ يكون بهما.
وأمَّا الكافرُ فيقول: { وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً }؛ أي لَيتَني لم أُبعَثْ، ولَيتَنِي بقيتُ تُراباً بعدَ الموتِ، وقال مقاتلُ: ((إنَّ اللهَ يَجْمَعُ الدَّوَابَّ وَالطُّيُورَ وَالْوُحُوشَ يَوْماً، وَيَقْضِي بَيْنَ الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ، ثُمَّ يَقْضِي لِلْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ، فَإذا فَرَغَ مِنْ ذلِكَ، قَالَ: مَنْ رَبُّكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أنَا خَلَقْتُكُمْ وَسَخَّرْتُكُمْ لِبَنِي آدَمَ، وَكُنْتُمْ لِي مُطِيعِينَ أيَّامَ حَيَاتِكُمْ، فَارْجِعُواْ لِلَّذِي خَلَقْتُكُمْ مِنْهُ. فَيَصِيرُونَ تُرَاباً، فَعِنْدَ ذلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ: { يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً }.)). قال أبو هُريرة: ((فَيَقُولُ التُّرَابُ لِلْكَافِرِ: لاَ حُبّاً وَلاَ كَرَامَةَ لَكَ أنْ تَكُونَ مِثْلِي)).