التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ
٦
-الانشقاق

التفسير الكبير

اختلَفُوا في الخطاب لِمَن هو، فروَى عبدُالله بن عِمرانَ: "أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ ثُمَّ قَالَ: أنَا ذلِكَ الإنْسَانُ، أنَا أوَّلُ مَنْ تَنْشَقٌُّ عَنْهُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَجْلِسُ جَالِساً فِي قَبْرِي، ثُمَّ يُفْتَحُ لِي بَابٌ إلَى السَّمَاءِ بحِيَالِ رَأسِي حَتَّى أنْظُرَ إلَى عَرْشِ رَبي، ثُمَّ يُفْتَحُ لِي بَابٌ إلَى الأَرْضِ السُّفْلَى حَتَّى أنْظُرَ إلَى الثَّوْر وَالثَّرَى، ثُمَّ يُفْتَحُ لِي بَابٌ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أنْظُرَ إلَى الْجَنَّةِ وَإلَى مَنَازلِ أصْحَابي، وَأنَّ الأَرْضَ تَتَحَرَّكُ تَحْتِي فَأَقُولُ لَهَا: مَا لَكِ أيَّتُهَا الأَرْضُ؟ فَتَقُولُ: إنَّ رَبي أمَرَنِي أنْ أُلْقِيَ مَا فِي جَوْفِي وَأنْ أتَخَلَّى، فَأَكُونَ كَمَا كُنْتُ إذْ لاَ شَيْءَ فِيَّ" .
والمعنَى على هذا القولِ: إنَّكَ عاملٌ لربكَ عَملاً فمُلاقي ربَّكَ ترجعُ إليه فيُجازيَك. وقال بعضُهم: الخطابُ للمكذِّب بالبعثِ، وهو أُبَيُّ بن خَلَف الجمحيُّ، والمعنى: إنَّكَ عاملٌ عَملاً في كُفرِك، فتُرَدُّ إلى ربكَ في الآخرةِ، فتلقَى جزاءَ عمَلِكَ.
والظاهرُ: أنَّ الخطابَ لجميعِ الناس. والكَدْحُ في اللُّغة هو السَّعيُ الدَّؤُوب في العملِ في الدنيا والآخرة، قال الشاعرُ:

فَمَا الدَّهْرُ إلاَّ تَارَتَان فَمِنْهُمَا أمُوتُ وَأُخْرَى أبْتَغِي الْعَيْشَ أكْدَحُ

والمعنى: أيُّها الإنسانُ ستَرى جزاءَ ما عمِلتَ من خيرٍ أو شرٍّ، فانظُرِ اليومَ ماذا تعملُ وفيمَ تُتعِبُ نفسكَ، فلا تعمَلْ إلاَّ لله حتى تستريحَ من الكَدْحِ.