التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ
٢
وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ
٣
-الأعلى

التفسير الكبير

قوله تعالى: { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ }؛ أي خلقَ الإنسانَ وكلُّ ذي روحٍ، فسوَّى خلقَهُ باليدَين والرِّجلين والعينَين والأُذنين وسائرِ الأعضاء، وعدَّلَ الخلقَ. وقولهُ تعالى: { وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ }؛ أي قدَّرَ الذي خلقَهُ حَسَناً وذميماً، وقدَّرَ عليه السعادةَ والشقاوةَ، فهدَى كلَّ مكلَّف من الضَّلالِ إلى الهدى، ومن الباطلِ إلى الصواب، ومن الغَيِّ إلى الرَّشاد. وَقِيْلَ: هدَى الإنسان لسبيلِ الخير والشرِّ، وبصَّرَهُ السبيلَ إمَّا شَاكراً، وإما كفوراً.
وَقِيْلَ: ألْهَمَ كلَّ حيوانٍ ما يحتاجُ إليه في أمرِ معيشته، وعرَّفَهُ كيف يأتِي الذكرُ الأنثَى، وجعلَ الهدايةَ في قلب الطفل حتى طلبَ ثديَ أُمِّه، وميَّزه من غيرهِ، وهدَى الفرخَ لطلب الرزق، وهدى الأنعامَ لمراتعِها. وَقِيْلَ: معنى قولهِ { وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } أي قدَّرَ مدَّة الجنين في الرحمِ تسعةَ أشهر، أو أقلَّ أو أكثرَ، فهدى للخروجِ من الرَّحِم. وَقِيْلَ: قدَّرَ الأرزاقَ وهداهم لطلبها. وَقِيْلَ: الذنوبَ على عبادهِ وهَدَاهُم للتوبة. وَقِيْلَ: قدَّرَ الخلقَ على صُوَرهم، وعلى ما جرَى لهم من الأرزاقِ، فهَدَاهُم إلى مَعرفةِ توحيدهِ. قرأ الكسائيُّ والسلمي (قَدَرَ فَهَدَى) مخفَّفاً.