التفاسير

< >
عرض

وَٱلضُّحَىٰ
١
وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ
٢
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ
٣
-الضحى

التفسير الكبير

قال ابنُ عبَّاس وقتادةُ: "لَمَّا سَأَلَتِ الْيَهُودُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرُّوحِ، وَعَنْ ذِي الْقَرْنَينِ، وَأصْحَاب الْكَهْفِ، قَالَ لَهُمْ: سَأُخْبرُكُمْ غَداً وَلَمْ يَقُلْ: إنْ شَاءَ اللهُ، فَاحْتَبَسَ الْوَحْيُ عَنْهُ وَأبْطَأَ عَنْهُ جِبْرِيلُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لِتَرْكِهِ الاسْتِثْنَاءَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ وَالْمُنَافِقُونَ: إنَّ مُحَمَّداً وَدَّعَهُ رَبُّهُ وَقَلاَهُ فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ السُّورَةَ تَكْذِيباً لَهُمْ، وَأقْسَمَ ببَيَاضِ النَّهَار وَسَوَادِ اللَّيْلِ أنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يُوَدِّعْهُ وَلَمْ يُقِلْهُ" .
وفيه إضمارٌ تقديرهُ: ورب الضُّحى وهو النهار كلُّه، وقال بعضُهم: ساعةُ ارتفاعِ الشَّمس على ما هو المعهودُ من الكلامِ. وقولهُ تعالى { وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } أي إذا أظلمَ، واشتدَّ ظلامهُ حتى يسترَ الأشياءَ كلَّها بالظلامِ، ومنه قولُهم: فلانٌ يُسْجَى بثوبهِ؛ أي مُغطَّى، ومنه قولُهم: سَجَى قبرَ المرأةِ. وَقِيْلَ: معناهُ: إذا سكَنت الأشياءُ فيه، ومن ذلك: بحرٌ سَاجٍ؛ أي ساكنٌ، ويقالُ: بلدٌ ساجِية إذا كان أهلُها في سكونٍ، وكذلك طريقٌ ساجٍ؛ أي آمنٌ، قال الشاعرُ:

أنَا ابْنُ عَمِّ اللَّيْلِ وَابْنُ خالِِهِ إذا سَجَى دَخَلْتُ فِي سِرْبَالِهِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } أي ما تركَكَ منذُ اختارَكَ، ولا بغضَكَ منذ أحبَّكَ، وهذا جوابُ القسَمِ.