التفاسير

< >
عرض

ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ
١
-العلق

التفسير الكبير

قالت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: "أوَّلُ مَا بُدِئَ به رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، كَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ. ثُمَّ حُببَ إلَيْهِ الْخَلاَءُ، وَكَانَ يَخْلُو بغَار حِرَاءَ فَيَتَعَبَّدُ فِيْهِ حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَار حِرَاءَ.
فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ: اقْرَأ، فَقَالَ: مَا أنَا بَقَارئٍ قَالَ: فَأَخَذنِي فَغَطَّنِي حَتَّى أخَذ مِنِّي الْجُهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فَقَالَ لِي: اقْرَأ، فَقُلْتُ: مَا أنَا بقَارئٍ، فَأَخَذنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ كَذلِكَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فَقَالَ لِي: اقْرَأ، فَقُلْتُ: مَا أنَا بقَارئٍ، فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقَالَ لِي: { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ }. فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يرْجِفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَأَخْبَرَ خَدِيجَةَ بالْخَبَرِ وَقَالَ: خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي.
فَانْطَلَقَتْ بهِ خَدِيجَةُ إلى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا، وَكَانَ امْرِءاً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ مِنَ الإنْجِيلِ بالْعَبْرَانِيَّةِ، وَكَانَ شَيْخاً كَبيراً قَدْ ضَعُفَ بَصَرُهُ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أخِيكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلَ: يَا ابْنَ أخِي مَاذا رَأيْتَ؟ فَأَخْبَرَهُ بَمَا رَأى، فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذا هُوَ النَّامُوسُ الَّذِي نَزَلَ عَلَى مُوسَى، فَيَا لَيْتَنِي أكُونُ حَيّاً حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فقال صلى الله عليه وسلم: أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟! قَالَ: لَمْ يَأْتِ أحَدٌ بمِثْلِ مَا جِئْتَ بهِ إلاَّ عُودِيَ وَأُوذِيَ، وَإنْ يُدْركْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْراً مُؤزَّراً. ثُمَّ إنَّ وَرَقَةَ لَمْ يُدْركْ وَقْتَ الدَّعْوَةِ أنْ تُوُفِّي"
.
واختلَفُوا في الباءِ في قوله { بِٱسْمِ رَبِّكَ } قال بعضُهم: هي زائدةٌ؛ وتقديرهُ: اقرَأ اسمَ ربكَ، كما يقالُ: قرأتُ بسُورةِ كذا. وقال بعضُهم: افتحِ القراءةَ بسمِ الله. وَقِيْلَ: معناهُ: اقرأ القرآنَ بعَونِ اللهِ وتوفيقه. وقولهُ تعالى { ٱلَّذِي خَلَقَ } أي خلقَكَ. وَقِيْلَ: خلَقَ الأشياء كلَّها.