مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
قائمة التفاسير
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ
١١٢
وَلَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ
١١٣
فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَـٰلاً طَيِّباً وَٱشْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ
١١٤
إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلْدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخَنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١١٥
وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَـٰذَا حَلاَلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ
١١٦
مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
١١٧
وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
١١٨
ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
١١٩
-النحل
أضف للمقارنة
تأويلات أهل السنة
قوله: { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً }.
اختلف في ضرب المثل بهذه الآية، وفي نزولها:
قال بعضهم: ضرب المثل لأهل مكة، وفيها نزلت - بقريات نزل بهم العذاب؛ بتكذيبهم رسلهم في بني إسرائيل، يحذر أهل مكة بتكذيبهم رسول الله نزول العذاب بهم كما نزل بأوائلهم.
وقال بعضهم: ضرب المثل لأهل المدينة، وفيهم نزل بأهل مكة؛ يحذر أهل المدينة؛ لئلا يكذبوا محمداً كما كذب أهل مكة؛ فيحل بهم كما حل بأهل مكة من الناس الجوع والخوف؛ بالتكذيب.
وقوله - عزّ وجلّ -: { قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ }.
قيل: هي مكة؛ أهلها كانوا آمنين فيها من خير أو شر، مطمئنين يأتيهم رزقهم من كل مكان. ويحتمل قرية أخرى غيرها؛ كانوا على ما ذكر.
وقوله - عزّ وجلّ -: { فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ }.
أي: كفرت بالشكر لأنعم الله، أي: لم يشكروها، ليس أنهم لم يروها من الله - تعالى - وقوله - عزّ وجلّ -: { فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ }.
اللّباس: هو ما يستر وجوه الجواهر، ألا ترى أنه سمى الليل لباساً؛ لما ستر وجوه الأشياء؛ فعلى ذلك الجوع يرفع الستر واللباس الّذي كان قبل الجوع؛ لأن الجوع إذا اشتد غيّر وجه صاحبه، ورفع ستره، والجوع: ما ذكر أنه أصابهم جوع حتى أكلوا الكلاب والجيف والعظام المحرقة. والخوف [ما] ذكر أنه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم؛ ألا ترى أنه قال:
"نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرةَ شَهْرَينِ"
، وقيل: الخوف: القتل.
وقوله: { رَغَداً }.
قال الكسائي: رغد الرجل إذا أصاب مالاً أو عيشاً من غير عناء وكدّ.
وقال القتبي: رغداً، أي كثيراً واسعاً.
وقوله - عز وجل -: { وَلَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }.
قوله: { رَسُولٌ مِّنْهُمْ }، أي: من أنفسهم، من نسبهم وحسبهم، يعرفونه، كقوله:
{ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ }
[البقرة: 146].
{ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }.
بالتكذيب؛ حيث وضعوا الشيء في غير موضعه، أو ظالمون على أنفسهم.
أخبر أنه بعث الرسول من جنسهم ومن حسبهم؛ لأنه إذا كان من غير جوهرهم لم يظهر لهم الآية من غير الآية، ولا الحجة من الشبهة؛ لأنه إذا خرج على غير المعتاد والطوق عرفوا أنه آية، وأنه حجة؛ إذ لا يعرفون من غير جوهرهم الخارج عن المعتاد والطوق، ويعرف ذلك من جوهرهم، وكذلك يعرف صدق من نشأ بين أظهرهم من كذبه، ولا يعرف إذا كان من غيرهم.
وقوْله - عزّ وجلّ -: { فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَـٰلاً طَيِّباً }.
قال بعضهم: الحلال والطيب: واحد، وهو الحلال، كأنه قال: كلوا ما أحل لكم؛ كقوله:
{ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ }
[النساء: 3]، أي: ما حل لكم. وقال بعضهم: { حَلَـٰلاً طَيِّباً }، أي: حلالاً يطيب لكم ما تلذّذون به؛ لأن من الحلال ما لا تتلذذ به النفس ولا تستطيب؛ بل تكره، وقوله: تستطيب له أنفسكم وتتلذذ به، لا ما تستخبث [به]؛ لأنّ الله جعل غذاء البشر ما هو أطيب وألذ، وجعل للبهائم والأنعام ما هو أخبث وأخشن؛ لأن ما هو أطيب أدعى للشكر له.
ويحتمل أن يكون قوله: { فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَـٰلاً طَيِّباً }: لا تبعةَ عليكم.
وفي الآية دلالة أنه قد يرزق ما يخبث ولا يحل على ما يختارُهُ؛ حيث شرط فيه الحلال.
وقوله - عزّ وجلّ -: { وَٱشْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }.
الشكر له عليهم لازم، وإن لم تعبدوا؛ وهو كقوله:
{ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
[الأنفال: 1]: طاعته وطاعة رسوله واجبة، وإن لم يكونوا مؤمنين، أو يقول: وجّهوا شكر نعمه إليه إن كنتم عابدين له بجهة، أي: افعلوا العبادة له والشكر في الأحوال كلها.
وقوله - عزّ وجلّ -:
{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ }
[البقرة: 173].
أي: حرم أكل الميتة وما ذكر؛ كأنه قال هذا، وذكر على أثر تحريمهم أشياء أحل لهم - لحوماً حرموا على أنفسهم - أشياء أحل لهم: من الزرع والأنعام، والبحيرة والسّائبة، وما ذكر؛ فقال: لم يحرم ذاك؛ ولكن إنما حرّم ما ذكر من الميتة والدم ولحم الخنزير ونحوه، على هذا يجوز أن يخرج تأويله، وأمّا على الابتداء فإنه يبعد، والله أعلم.
وقوله - عزّ وجلّ: { فَمَنِ ٱضْطُرَّ }.
إلى ما ذكر من المحرمات.
{ غَيْرَ بَاغٍ }.
على ما نهى عنه، وهو الشبع؛ كقوله:
{ فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ }
[المائدة: 3].
{ وَلاَ عَادٍ }.
إليه. وقال بعضهم: { غَيْرَ بَاغٍ }: يستحله في دينه؛ فلا عاد ولا متعدٍّ في أكله.
وقال بعضهم: غير باغ: على المسلمين مفارق بجماعتهم مُشَاقٍّ لهم، ولا عاد: عليهم؛ يستفهم، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم وأقاويلهم.
وأمّا تأويله عندنا: { غَيْرَ بَاغٍ }: على المسلمين سوى دفع الإهلاك عن نفسه، { وَلاَ عَادٍ }: متعد ومتجاوز اضطراره، ولا يحتمل ما قاله بعض الناس: غير باغ على الناس ولا متعد عليهم؛ لوجهين:
أحدهما: أنه لا يحتمل البغي على الناس في حال الاضطرار؛ لأنه لا يقدر عليه والحال ما ذكر.
والثاني: أنه - وإن كان باغياً على ما ذكروا - لم يبح له التناول من الميتة؛ يكون باغياً على نفسه؛ لأنه إن لم يتناول هلكت نفسه؛ فيصير باغياً على نفسه فدلّ أنّه على ما ذكرنا.
وقوْله - عزّ وجلّ -: { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَـٰذَا حَلاَلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ } يحتمل: أي: لا تعودوا إلى ما وصفت ألسنتكم من الكذب هذا حلال وهذا حرام، وألا تقولوا الكذب الذي تصفه ألسنتكم: هذا حلال وهذا حرام.
وعن ابن عباس -
رضي الله عنه
- قال: لا تقولوا لما أحللتموه: هذا حلال، ولما حرمتموه: هذا حرام، وهو كقوله:
{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ مِّن رِّزْقٍ... }
الآية [يونس: 59].
وفي هذه الآية دلالة ألا يسع لأحد أن يقول: هذا مما أحله الله وهذا مما حرمه الله؛ إلا بإذن من الله، ومن يقول بأن الأشياء في الأصل على الإباحة أو على الحظر؛ فهو مفتر بذلك على الله الكذب؛ لأن الله لم يأذن له أن يقول ذلك؛ بل نهاه عن ذلك مما ذكرنا، والله أعلم.
وقوله - عزّ وجلّ -: { لِّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ }.
أي: تكونوا مفترين على الله الكذب إذا قلتم ذا.
فإن قيل: كيف سماهم مفترين على الله بتسميتهم الحرام حلالاً، والحلال - حراماً؟
قيل: لأن التحليل والتحريم؛ والأمر والنهي - ربوبية، فإذا حرموا شيئاً أحله الله، أو أحلوا شيئاً حرّمه الله - فكأنهم على الله افتروا أنه حرم أو أحل، أو حرموا هم وأحلوا فأضافوا ذلك إلى الله - تعالى - أنه هو الذي حرم أو أحل فقد افتروا على الله؛ لأن من أحلّ شيئاً حرمه الله، أو حرم شيئاً أحلّه الله - فقد كفر وليس من انتفع بالمحرم، أو ترك الانتفاع بالمحلل - كفر؛ إنما يصير آثماً مجرماً، وكذلك تارك الأمر ومرتكب النهي.
وقوله - عزّ وجلّ -: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ }.
في تحليل ما حرم عليهم، وفي تحريم ما أحله، وقوْلهم:
{ وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا }
[الأعراف: 28].
وقوله - عزّ وجلّ -: { لاَ يُفْلِحُونَ }.
أي: لا يفلحون وهم مفترون على الله، وأمّا إذا انتزعوا من الافتراء وتابوا أفلحوا، ولا يفلحون في الآخرة؛ إذا كانوا مفترين على الله في الدنيا.
ثم قوله: { مَتَاعٌ قَلِيلٌ }.
على الابتداء؛ وإنما سمّى قليلاً - والله أعلم - لوجوه:
أحدها: أن متاع الدنيا على الزوال والانقطاع؛ فكل ما كان على شرف الزوال والانقطاع فهو قليل، كما قيل لكلّ آتٍ: قريبٌ؛ لما يأتي لا محالة؛ فعلى ذلك كل زائِل منقطع - قليلٌ.
والثاني: سمي قليلاً؛ لما هو مشوب بالآفات والأحزان وأنواع البلايا والشدائِد؛ فهو قليل في الحقيقة، أو أنّه سمّاه قليلاً؛ لما أن متاع الدنيا قليل عما وعَدَ في الآخرة؛ فمتاعها من متاع الآخرة قليل؛ لما ليس فيها الوجوه التي ذكرنا، والله أعلم.
وقوله - عزّ وجلّ -: { وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ }.
وهو ما قصّ في سورة الأنعام، وهو قوله:
{ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ }
إلى قوله:
{ ذٰلِكَ جَزَيْنَٰهُم بِبَغْيِهِمْ }
[الأنعام: 146]، وقوله:
{ فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ... }
الآية [النساء: 160].
وقوله - عزّ وجلّ -: { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ }.
بتحريم ما حرمنا عليهم؛ لأنا إنما حرمنا عليهم تلك الطيبات عقوبة لهم، وهو ما قال في سورة النساء، وهو قوله:
{ فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ }
[النساء: 160] وهو ما قال:
{ ذٰلِكَ جَزَيْنَٰهُم بِبَغْيِهِمْ }
[الأنعام: 146] أخبر أنه إنما حرم عليهم ذلك؛ بظلم كان منهم عقوبة وجزاء لبغيهم، لكن هم ظلموا أنفسهم في ذلك.
أو أن يكون قوله: { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ }؛ لأنهم عبيده وإماؤه؛ ولله أن يمتحن عباده وإماءه بتحريم مرة، وبتحليل ثانياً، ولكن ظلموا أنفسهم؛ حيث وجهوها إلى غير مالكها، أو صرفوا شكر ما أنعم عليهم إلى غيره.
وقوله - عزّ وجلّ -: { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ }.
أي: عمل السوء بجهالة، ويحتمل وجهين:
أحدهما: أن الفعل فعل جاهل وسفيه وإن لم يجهل؛ يقال لمن عمل السوء: يا جاهل يا سفيه.
والثاني: جهل ما يحل به بعمله السوء.
ثم [قوله] { إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ... } إلى آخره، يمكن أن يكون في الآية إضمار لم يذكر؛ لأنه قال: { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوۤاْ } ثم كرر ذلك الحرف على الابتداء من غير أن ذُكر له جواب، وهو قوله: { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ } { مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }.
فظاهر الجواب أن يقول: { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ } { لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }؛ على ما ذكرنا في قوله:
{ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ... }
الآية [النحل: 110]؛ لكن يخرج على الإضمار، أو على التكرار: على إرادة التأكيد، أو على الابتداء والاكتفاء بجواب ذكره في موضع آخر.
ثم قال:
{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
[آل عمران: 89]: هذا - والله أعلم - جوابه، أي: إن ربك من بعد التوبة لغفور رحيم، فهمُوا قبل أن يعمل السوء، والعرب قد تكرر أشياء على إرادة التأكيد، والله أعلم.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2024 © جميع الحقوق محفوظة