التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٧٧
وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ
٧٨
-الحج

تأويلات أهل السنة

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ }.
في الآية دلالة أن الإيمان هو شيء خاص وشيء واحد، لا اسم جميع الخيرات، وهو التصديق؛ لأنه أثبت لهم اسم الإيمان، ثم أمرهم بالركوع والسجود وفعل الخيرات؛ لأن جميع المخاطبين بهذه الآية عرفوا من خوطب بها، فلو كان اسما لجميع الخيرات لكان لا يعرف المخاطب بها؛ لأنه لا يقدر أحد على جميع الخيرات؛ فدل أنه شيء معروف خاص مما يرجع صاحبه إلى حد المعرفة، حيث عرفه المخاطب به، والله أعلم.
ثم يحتمل قوله: { ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ } وجوهاً:
أحدهما: أن اجعلوا ركوعكم وسجودكم وعبادتكم عبادة الله لا تشركوا فيها غيره على ما أشرك أهل مكة وغيرهم من الكفار في عبادتهم غيره، وهي الأصنام التي عبدوها.
والثاني: اعبدوا ربكم بالأسباب والأشياء التي عرفكم أنها عبادة، وكذلك افعلوا الخيرات التي عرفكم أنها خيرات.
والثالث: أن اجعلوا أحوالكم التي أنتم عليها من قيام وقعود، وحركة وسكون، عبادة لله تعالى، واجعلوا تقلبكم أيضاً للمعاش الذي أبيح لكم وأذن فيه عبادة، فالأول هو عبادة بنفسه التي جعلها الله نصّاً، والثاني هو الذي يصير عبادة بالنية والقصد؛ فيكون في جميع أحواله مؤدي عبادة، وهكذا الواجب على المرء أن يكون في جميع ما يؤدّي من الصلاة والصيام وغيره مؤدي فرض، وهو أن يؤدي جميع ذلك بنية الشكر لنعمه، وتكفيراً لمعاصيه، وكلاهما لازمان واجبان، فإن فعل ذلك كان مؤدي لازم، والله أعلم.
وقوله: { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ظاهره خرج على الترجي، وفي الحقيقة على الوجوب، على ما ذكرنا فيما تقدم.
وقوله: { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } ليس لحق الله غاية يوصل بها، وكذلك قوله:
{ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } [آل عمران: 102]؛ لأنه لو كان لحقه غاية لكان الرسل والملائكة يقومون بوفاء ذلك [و] يتوهم منهم المجاوزة عن ذلك؛ إذ كل ذي حدّ وغاية يتوهم المجاوزة فيه، فإن لم يحتمل المجاوزة دل أن حقه ليس بذي حدّ وغاية، ويكون تأويل قوله: { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } و { حَقَّ تُقَاتِهِ } [آل عمران: 102] حقه الذي احتمل وسعكم وبنيتكم وطاقتكم، كقوله: { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } [التغابن: 16] فيكون هذا تفسيراً لقوله: { حَقَّ تُقَاتِهِ } و { حَقَّ جِهَادِهِ }.
ثم يحتمل قوله: { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ } أي: جاهدوا أنفسكم في شهوتها وأمانيها.
أو جاهدوا أعداء الله في دفع الوسواس والمحاربة معهم.
وقوله: { هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ } يحتمل وجهين:
أحدهما: { هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ } للإيمان والهدى والتوحيد.
أو { هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ } جنساً من أفضل الأجناس وأكرمهم من بين سائر الأجناس، كقوله:
{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } [الإسراء: 70].
وقال عامة أهل التأويل في قوله: { ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ } أي: وحدّوا ربكم، جعلوا كل عبادة مذكورة في الكتاب توحيدا؛ فيكون ذكر العبادة هاهنا كقوله:
{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ } [النساء: 136] كأنه قال: يأيها الذين آمنوا وحدوا ربكم.
ثمّ اختلف في قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ }:
قال بعضهم: فيه وجوب سجدة التلاوة على ذلك، وهي في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"فضلت سورة الحج بسجدتين على غيرها من السور، فمن لم يسجدهما فلا يقرأها" .
وكذلك روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قرأها فسجد فيها مرتين، ثم قال ما ذكرناه.
وتأويله - عندنا - أن قوله: "فضلت بسجدتين" التي هي من صلب الصلاة، وسجدة التلاوة في أوّل السّورة، فمن لم يسجدهما فلا يقرأها، وأصله في وجوب سجدة التلاوة: أن كل سجود ذكر في القرآن للخضوع فهو واجب للتلاوة، لازم له، وكل سجود كان الأمر به لحق سجود الصلاة فإنه لا يلزمه السجدة للتلاوة، فالأمر بالسجود في قوله: { ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ } أمر بسجود الصلاة لا غير لم يلزم تاليه السجود بالتلاوة، والله أعلم.
وقوله: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } يحتمل تأويله وجوهاً:
أحدها: أن عليهم معرفة وحدانية الله، وألوهيته، وتعاليه عن الأشباه والشركاء، وعليهم معرفة نعمه، والقيام بشكرها له، والخضوع له في كل وقت، وإن [لم] يبعث الرسل، لكنّه بفضله ورحمته بعث إليهم الرسل ليكون أيسر عليهم معرفة ذلك وأهون، والقيام بأداء ذلك أخف؛ لأن معرفة الأشياء بالسماع من لسان الصدوق والعدل أيسر، والإدراك أهون من معرفتها بالنظر والتفكر، وهو ما قال:
{ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء: 83] أخبر أنه لولا فضله ورحمته في بعث الرسل، لاتبعوا الشيطان إلا قليلا، والقليل الذين استثناهم: الذين يتفكرون وينظرون فيعرفون بالتفكر والنظر، وذلك لا يعرف إلا بجهد وتكلف، فعلى ذلك قوله: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } ولكن بعث إليكم الرسل ليكون أوضح لسبيل الحق ومعرفته، وإن كان له ألا يرسل، ويكلف ذلك بالنظر والتفكر.
والثاني: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } قطع ما يقع لهم الحوائج، وتحريم كل أنواع المطاعم والمشارب واللباس عليكم لكنه إذا حرم نوعاً منها أباح نوعاً آخر بإزائه مما يسدّ به حاجته ويزيح به علته، ولو حرم كل أنواعها كان حرجا في الدين وضيقاً.
والثالث: لم يجعل عليهم من العبادات والفرائض التي كلفهم بها والقيام بأدائها ما لا يحتمل وسعهم، ولا بنيتهم، ولا حمل عليهم أموراً شاقة خلاف ما عليه طباعهم وأمر معاشهم، ولكن كلفهم بعبادات احتمل بها وسعهم وبنيتهم، وحمل عليهم أموراً غير شاقة موافقة لما عليه أمر معاشهم وطباعهم، وإن بعد ونأى عليهم.
والرابع: أنه لم يجعل توبتهم عما ارتكبوا من المعاصي والمآثم قتل بعضهم بعضا، وإهلاك بعضهم بعضا، على ما جعل ذلك لقوم، حيث قالوا لهم:
{ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } [البقرة: 54]، ولو كلف ذلك كان حرجاً في الدين، وأمثال ذلك.
والخامس: جائز أن يكون قوله: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } أي: من شك وشبه، أي: قد أزاح عنكم الشبه والشك بالحجج والبراهين التي أقامها لكم، والله أعلم.
وقوله: { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ } هذا يحتمل وجهين:
أحدهما: على الأمر: أن الزموا ملة إبراهيم.
والثاني: أن هذا الذي ذكر هو ملة أبيكم إبراهيم.
وقوله: { هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا } اختلف فيه:
قال عامة أهل التأويل: قوله: { هُوَ سَمَّاكُمُ } أي: الله سماكم المسلمين.
وقال بعضهم: إبراهيم { هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ }، حيث قال:
{ وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } [البقرة: 132] ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم كان من ولد إسماعيل، وقد دعا له ولذريته بذلك.
وقوله: { مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا }: قال بعضهم: { مِن قَبْلُ }: في الكتب المتقدمة { وَفِي هَـٰذَا }، أي: في القرِآن.
وقال بعضهم: { مِن قَبْلُ }: في الأمم الذين كانوا من قبل؛ لأنه ما من قوم وأمة إلا وفيهم مسلمون متسمون بهذا الاسم، { وَفِي هَـٰذَا }: في قومه: أي: كنتم متسمون بهذا الاسم في الأمم الخالية، كقوله:
{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } [آل عمران: 110] أي: كنتم خير أمة في الأمم التي كانت من قبل أنها تخرج في هذا الوقت، والله أعلم.
وقوله: { لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ } قال قائلون: { عَلَيْكُمْ } بمعنى: لكم، وذلك جائز في اللغة، كقوله:
{ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ } [المائدة: 3] أي: للنصب؛ فعلى ذلك جائز في هذا { عَلَيْكُمْ } أي: لكم، ويكون تأويله: يكون الرسول لكم شهيداً بالتصديق له، وتكونوا أنتم شهداء للناس بالتصديق لرسول الله إذا صدقتم إياه.
وقال بعضهم: { لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ }، بمعنى: عليكم، وتأويله: يكون شهيداً عليكم إذا خالفتموه ولم تصدقوه، وتكونوا أنتم إذا صدقتم رسولكم ووافقتموه - شهداء على سائر الناس إذا كذبوا رسولهم: أنهم كذبوه وخالفوه.
وفي هذه الآية دلالة اتفاق قرن حجة على من بعدهم، حيث جعلهم شهداء على من بعدهم ومن قبلهم، وقد ذكرنا تأويل الآية في سورة البقرة.
وقوله: { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ } فإذا أراد الصلاة المعروفة والزكاة المعروفة، ففي الأمر بإقامة الصلاة أمر بإصلاح ما بينهم وبين ربهم، وفي الزكاة إصلاح ما بينهم وبين الخلق، كقوله:
{ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } [العنكبوت: 45] وفي حرف عبد الله بن مسعود: (إن الصلاة تأمر بالعدل وتنهى عن الفحشاء والمنكر).
قوله: { وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ }.
قال بعضهم: بدين الله وهو ما ذكر فيما تقدم ذكره من قوله: { ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ }.
{ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ... } إلى [آخر] ما ذكر؛ فكأنه يقول: اعتصموا بالذي ذكر، وأصل الاعتصام هو الالتجاء إليه؛ فكأنه قال: اعتصموا به من كل ما نهى عنه من الشرور، وبكل ما أمر به من الخير.
وقوله: { هُوَ مَوْلاَكُمْ }.
قال الحسن: هو مولى كل من تولاه بالطاعة.
وقال بعضهم: المولى: النصير، أي: هو ناصركم وحافظكم.
{ فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ }.
المانع والنصير: المنتصر ينتصر لهم من أعدائهم، ويمنع عنهم الأعداء.
وجائز أن يكون قوله: { هُوَ مَوْلاَكُمْ }، أي: ربكم وسيدكم، كما يقال لمولى العبد: هذا مولاه وسيّده، والله أعلم.
ويكون في قوله: { لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ } أنه قد بلغكم؛ { وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } بأن الرسول قد بلغهم.
قال أبو عوسجة: { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ }، أي: ما عرفوا الله حق معرفته، يقال في الكلام: ما قدرتك حق قدرك، أي: ما عرفتك حق معرفتك.
وقالوا: الحرج: الضعيف في هذا، وفي غير هذا الموضع، قيل: هو شك في قوله:
{ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ } [الأعراف: 2]، أي: شك، والضيق إنما يكون من الشك إذا شك في شيء ضاق صدره فيه.
قال أبو معاذ: وأصل الحرج في الكلام: شجر من شوك ملتف، والواحدة: حرجة، منه: حرجة مسلم.
وقوله: { هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ }.
أي: اختاركم، وفي حرف ابن مسعود وأبي: "هو اجتباكم وسماكم المسلمين من قبل)، وهذا يؤيد تأويل من يقول: هو سماكم المسلمين، أي: الله سماكم.
وقال بعضهم في قوله: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }، قال: لم يفرض الله على هذه الأمة شيئاً إلا جعل فيه رخصة لهم عند الاضطرار؛ مثل التيمم إذا لم يجد ماء، ويصلي قاعداً ومضطجعاً في المرض، وتفطر إذا كنت مريضاً، ونحو هذا، ليس فريضة إلا فيها رخصة، ولم يكن من قبل ذلك، وهو قول مقاتل بن حيان.
وقال قتادة: قوله: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }، أي: ضيق، قال: أعطيت هذه الأمة ثلاثاً لم يعطها إلا نبي: كان يقال للنبي: اذهب فليس عليك حرج، وقال الله لهذه الأمة: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }، وكان يقال للنبي: أنت شهيد على قومك، وقال الله لهذه الأمة: { وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ }، وكان يقول للنبي: سل تعطه، وقال الله لهذه الأمة:
{ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر: 60].
وقال بعضهم: في قوله: { ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ }، أي: صلوا لله، كقوله:
{ وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ } [المرسلات: 48] يقول: صلوا، لا يصلون.
وقال قتادة: { ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ }، قال: لا صلاة إلا بركوع، وإن أقواماً أحدثوا بدعاً: يسجد أحدهم مائة سجدة لا يركع فيهن، وكان يقال: ثلاث مما أحدث الناس: "رفع الأيدي في الدعاء، والأصوات عند المسألة، والاختصار في السجود".
وقال أبو هريرة: "لا يصلح سجود إلا بركوع"، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وبه نستعين.