التفاسير

< >
عرض

قُلْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
٨٤
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٨٥
-آل عمران

تأويلات أهل السنة

قوله: { قُلْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } الآية.
هذا - والله أعلم - وذلك أن اليهود والنصارى لما آمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض، كقوله:
{ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } [النساء: 150] - أمر الله - تعالى - المؤمنين أن يؤمنوا بالرسل جميعاً؛ فآمنوا بهم جميعاً، وقالوا: { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }: والإسلام ما ذكرنا، والله أعلم.
وقوله: { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ }:
اختلف فيه: [يحتمل] { فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ }: حسنات من بغى غيرَ دين الإسلام في الدنيا؛ وهوكقوله:
{ وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَانِ } [المائدة: 5]، أي: بالمؤمن به { فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ } [المائدة: 5].
ويحتمل: من أتى بدين سوى دين الإسلام فلن يقبل منه، { وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ }.
وقيل: إنها نزلت في نفر ارتدوا عن الإسلام بعد ما أسلموا، ثم تاب بعضهم؛ فنزل قوله: { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ }.
قال الشيخ -رحمه الله - في قوله: { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ }: يحتمل: "يبتغي": يطلب، { فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ }؛ كأنه نهى عن ذلك أن يقصد بالتدين التقرب إلى الله - تعالى - فأخبر أن ذلك لا يقبله؛ ليصرف الطلب إلى غير ذلك، وذلك كما دانوا من عبادة الأوثان وغيرها؛ لتقربهم إلى الله زلفي، فأخبر أنه لا يقرب؛ ليصرف الطلب إلى حقيقة ذلك الدين على الأديان [التي] كانت معروفة، تأبى أنفس الكفرة عن [قبول] اسم الإسلام لدينهم، وادعوا أن دينهم هو دين الله؛ فأخبر الله - تعالى - أن دينه هو الإسلام، وأن من يبتغي الدين؛ ليدين الله به، غيرَهُ -، فالله لا يقبل منه، والله أعلم.
ويحتمل الابتغاء: الإرادة؛ فيكون فيه تحقيق الدين؛ إذ هي تجامع الفعل؛ فكأنه قال: من دان غير دين الإسلام، فلن يقبل منه، وإن قصد به الله بالدين، والله الموفق.
أيد ذلك قوله: { وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ }: أنه فيمن أتى بغيره، والله أعلم.