التفاسير

< >
عرض

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِٱلنُّذُرِ
٣٣
إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ
٣٤
نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ
٣٥
وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ
٣٦
وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ
٣٧
وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ
٣٨
فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ
٣٩
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ
٤٠
-القمر

تأويلات أهل السنة

قوله - عز وجل -: { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِٱلنُّذُرِ }، أي: بالرسل - عليهم السلام - أو بما تقع به النذارة.
وقوله - عز وجل -: { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ } على تأويل من يقول بأن تلك القرياتت قلبت بمن فيها ظهرا لبطن على ما ذكرنا في آية أخرى:
{ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا } [الحجر: 74] - أرسل الحاصب على من غاب عنها في البلدان فأهلكهم بها، يخرج على الإضمار، كأنه قا ل: قلبناها بمن فيها، وأرسلنا على من غاب عنها حاصبا إلا آل لوط؛ حتى يستقيم الثنيا الذي استثنى، ويكون كقوله: { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ } [المائدة: 1] كأنه قال: أحلت لكم بهيمة الأنعام والصيد إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد، والله أعلم.
[و]على تأويل من يقول بأنها قلبت، ثم أرسل عليها الحاصب، فالثنيا مستقيم؛ فيكون هلاكهم بأمرين، واستثنى آل لوط بالنجاة منهما جميعا، والله أعلم.
وقوله - عز وجل -: { نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ * نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا }، أي: منعنا عنهم العذاب عند السحر؛ فيكون فيه دلالة: أنه يكون بمنع العذاب عنهم منجيا لهم، وإلا لم يكن بنجاتهم عند السحر [منعماً].
وقوله - عز وجل -: { كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ } هذا يخرج على وجهين:
أحدهما: يكون هلاك أولئك على لوط وآله نعمة من الله تعالى عليهم؛ فيكون عليه شكره؛ فهو جزاء شكرهم، وهو كقوله تعالى:
{ جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ } [القمر: 14] يحتمل أن يكون هلاك أولئك وإغراقهم جزاء ما كفر بنوح، وذلك نعمة منه على نوح، - عليه السلام -.
والثاني: أن تكون نجاة نوح ومن كان معه نعمة منه عليهم؛ إذ له أن يهلك الكل من كفر ومن لم يكفر؛ ألا ترى أن يهلك الدواب والصغار، وإن لم يكن لهم مآثم، فإذا كان كذلك كان إبقاء من أبقى منهم فضلا منه ونعمة عليهم، وإلا لا كل كفر استوجب النجاة، والله أعلم.
وقوله - عز وجل - { وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } يخرج على الوجهين اللذين ذكراناهما.
أحدهما: تماورا بالواقع من النذارة.
والثاني: { بِٱلنُّذُرِ }، أي: الرسل، والله أعلم.
وقوله: { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ } أي: طلبوا منه التخلية بينهم وبين ضيفه.
وقوله: { فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ }، ذكر أن جبريل - عليه السلام - مسح جناحيه على أعينهم فعموا، ثم قيل لهم: { فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ }.
وقوله - عز وجل -: { وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } أي: نزل بهم صباحا بالبكرة { عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } العذاب المستقر: هو العذاب الذي نزل بهم، ودام عليهم، وأهلكهم، وأما طمس الأعين، فقد انقضى.
وقوله: { عَذَابِي وَنُذُرِ } النذر - هاهنا -: ما وقعت به النذارة.