التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ
١٢٣
-التوبة

تأويلات أهل السنة

قوله - عز وجل -: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ }.
اختلف فيه؛ قال بعضهم: نزلت الآية قبل أن ينزل قوله:
{ وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً } [التوبة: 36].
كان الأمر بالقتال بالأدنى فالأدنى، ثم جاء الأمر بقتال الكفار عامة.
وقال بعضهم: إن رسول الله كان إذا غزا ربما كان يجاوز كفارا ويتركهم وراءه ويقاتل غيرهم؛ ليكون ذلك آية لنبوته، [و] ليعلم أنه لا يبالي بمن يقاتل ولا يخاف من تركهم وراءه، ثم أمر الله المؤمنين أن يقاتلوا الأقرب فالأقرب منهم والأدنى فالأدنى وألا يتركوا العدو وراءهم؛ إلى هذا ذهب بعض أهل التأويل، وأمكن أن يكون هذا تعليماً من الله المؤمنين أمر الحرب وأسبابها، كما علمهم جميع ما يقع لهم من الحاجة إلى أسباب الحرب في غير آي من القرآن؛ من ذلك: قوله - عز وجل -:
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً } [الأنفال: 45]، وقوله: { إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً } [الأنفال: 15] الآية، وقوله: { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ... } [الأنفال: 60] الآية، وغير ذلك من الآيات.
أو يحتمل أن يكون أمر بقتال الأقرب فالأقرب منهم كسائر العبادات.
وقوله - عز وجل -: { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ }.
يخرج على وجهين:
أحدهما: ما ذكرنا أنه يخرج على أمر القتال منه للمؤمنين.
والثاني: إنباء عن دوام الجهاد والقتال مع الأعداء أبداً؛ لأنه كلما فتح ناحية وقوماً، صار الذين بقوا وراء هؤلاء الذين يلونهم.
وقوله - عز وجل -: { وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً }.
قيل: شدة عليهم.
وفي حرف ابن مسعود - رضي الله عنه - وأبي: (وليجدوا عليهم غلظة)، أي: شدة، ويقرأ: (غُلظة) برفع الغين، ويقرأ: { غِلْظَةً } بكسرها، وهما لغتان ومعناهما واحد.
{ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }.
أي: من اتقى الخلاف له بالنصر لهم على عدوهم.
وقوله: { أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }.
يخرج على وجوه:
أحدها: ما ذكرنا إذا اتقوا الخلاف له فيما علمهم من أمر الحرب يكون معهم بالنصر.
والثاني: معهم في التوفيق والهداية.
والثالث: في الجزاء.