التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ
٣٨
إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٣٩
إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٤٠
ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٤١
-التوبة

تأويلات أهل السنة

ألا ترى أنه قال في الآية التي تتلو هذه: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ }، قال بعضهم: الآية في المنافقين الذين تخلفوا عن رسول الله في غزوة تبوك؛ كقوله: { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ... } [التوبة: 101] الآية، فيفهم ذكر ذلك الوعيد.
وقال بعضهم: الآية في المؤمنين؛ أمروا أن ينفروا في سبيل الله.
{ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ }.
قيل: استثقلتم النفر في سبيل الله وأقمتم.
ويحتمل التثاقل: هو أن يروا من أنفسهم الثقل من غير أن أقاموا؛ كما يقال: يتصامم ويتعامى، من غير أن كان به الصمم والعمى، ولكن لما يرى من نفسه ذلك.
وقال بعض أهل الأدب: قوله: { ٱثَّاقَلْتُمْ }.
أي: تثاقلتم وركنتم إلى المقام، وذلك في القرآن كثير؛ كقوله:
{ حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً } [الأعراف: 38] أي: تداركوا.
وقوله: { أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ }.
أي: ما متعكم في الدنيا قليل بما وعد أن يمتعكم في الآخرة.
أو أن يقال: متاع الحياة الدنيا من أولها إلى آخر ما تنتهي قليل من متاع الآخرة وكراماتها؛ لأن كرامات الدنيا على شرف الزوال، وكرامات الآخرة على الدوام أبداً.
أو أن يقول: متاع الحياة الدنيا قليل من متاع الآخرة؛ لأن متاع الدنيا ومنافعها تشوبه الآفات والمضرات، ومتاع الآخرة لا تشوبه الآفات والمضرات.
وقوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ... } الآية.
عاتب المؤمنين بالتثاقل بالخروج إلى الأرض، ونهاهم عن الركون إلى الدنيا.
وقوله:
{ إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ } [التوبة: 37].
أي: لما أحدث أولئك الملوك من تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله زيادة في كفر أولئك أحدثوا من وقت إحداثهم.
وقوله - عز وجل -:
{ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [التوبة: 37].
يحتمل وجهين:
يحتمل: { يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }، أي: يهلك به الذين كفروا، أي: الذين أحدثوا.
ويحتمل: { يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }، أي: ما أحدثوا أولئك الملوك إنما أحدثوا؛ ليضلوا به الأتباع { يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً } على ما ذكر في القصة أنهم كانوا يستحلون المحرم عاماً فيصيبون فيه الدماء والأموال، ويحرمونه عاماً فلا يستحلون فيه الدماء والأموال.
وقوله - عز وجل -:
{ لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ } [التوبة: 37] قيل: ليوافقوا عدد ما حرم الله؛ كان عندهم أن التحريم إنما كان لعدد الأشهر [لا] للأشهر؛ لما في الأشهر، فحفظوا عدد الأشهر، ولم يحفظوا الوقت، وذلك تأويل قوله: { لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ } [التوبة: 37]، أي: زين تأخير المحلل وتقديم المحرم { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } [التوبة: 37].
قيل: لا يهديهم وقت اختيارهم الكفر، ولا يهديهم في الآخرة طريق الجنة؛ لكفرهم في الدنيا، وقد ذكرنا تأويله في غير موضع.
قال أبو عوسجة: النسيء: التأخير؛ يقال: نسأت الشهر، أي: أخرته، ويقال: أنسأ الله في أجلك، أي: أخره الله.
وقوله: { لِّيُوَاطِئُواْ }.
المواطأة: أن يدخلوا شهراً مكان شهر، وهو التتابع؛ يقال: تواطأ القوم على حديث كذا وكذا، أي: تتابعوا، وواطأت فلاناً، أي: تابعته.
وقال القتبي: النسيء: التأخير، وكانوا يؤخرون تحرم المحرم منها سنة، ويحرمون غيره مكانه؛ لحاجتهم إلى القتال فيه، ثم يردونه إلى التحريم في سنة أخرى؛ كأنهم ينسئون ذلك.
{ لِّيُوَاطِئُواْ } أي: ليوافقوا { عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ }، يقول: إذا حرموا من الشهور عدد الشهور المحرمة، لم يبالوا أن يحلوا الحرام ويحرموا الحلال.
وقوله - عز وجل -: { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً }.
أي: إن لم تنفروا يعذبكم عذاباً [أليماً]، فإن كانت الآية في المنافقين فهو ظاهر، وإن كانت في المؤمنين فيحتمل قوله: { يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً }: يحل بهم، ولم يبين ما ذلك العذاب.
وقال بعضهم: شدد الله الوعيد في تركهم النفر والخروج في سبيل الله، وعلى ما شدد ببدر في التولية للدبر بقوله:
{ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ } الآية [الأنفال: 16]، غير أنه شدد يوم بدر لما لم يكن ملجأ، وكان نفارهم نفار نفاق، وهاهنا شدد لغير ذلك؛ لوجوه:
أحدها: لما في تخلف المؤمنين عنه موضع العذر للمنافقين بالتخلف عنه أنهم [إن تخلفوا] للعذر، فنحن نتخلف - أيضاً - للعذر، ولنا في ذلك عذر.
والثاني: يكون للكفار موضع الاحتجاج عليهم، يقولون: إنهم يرغبوننا في الآخرة ويحثوننا في ذلك، ثم إنهم ينفرون عن ذلك ويرغبون عنه.
والثالث: يكون في تخلفهم الشوكة على المؤمنين؛ إذ يقلون إذا تخلفوا.
وقوله - عز وجل -: { وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ }.
[قيل فيه بوجوه: قيل: يستبدل الملائكة فينصروا رسول الله على ما استبدل يوم بدر ويوم حنين ويوم الأحزاب.
وقيل: يستبدل قوماً غيركم على ما استبدلكم يا أهل مكة فينصرونه.
وقال بعض من أهل التأويل: يستبدل قوماً غيركم] أي: ينشئ قوماً غيركم.
لكن تأويل الأول أشبه.
ألا ترى أنه قال في آخره: { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ }.
وقوله: { وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً }.
هو ما ذكرنا، أي: لا تضروا رسول الله بالتخلف عنه.
وقال بعضهم: لا تضروا الله [شيئاً].
والأول أشبه؛ لما ذكرنا.
وقوله - عز وجل -: { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ } يقول: إن لم تنصروا رسول الله فالله ينصره، على ما نصره في الوقت الذي كان في الغار، لم يكن معه أحد من البشر إلا واحد، فإن لم تنصروه فالله كافيه في النصر، على ما كفاه ونصره في الحال التي لم يكن معه من البشر [أحد] إلا واحد، فاليوم لا ينصره ومعه من الأنصار والأعوان ما لا يحصى؟!
وكان ما استنفرهم رسول الله وأمرهم بالخروج إلى العدو، لم يكن يستنفرهم لمكان نفسه؛ إذ يعلم أن الله كافيه في نصره، ولكن إنما كان يستنفرهم ويأمرهم بالخروج لمكان أنفسهم؛ ليكتسبوا [بذلك] قرباً وثواباً عند الله وزلفى؛ ألا ترى أنه قال: { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً }، وقال: { وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً }، أي: إن لم تنفروا ولم تنصروا رسول الله فلا تضروه شيئاً؛ إذ الله كافيه في نصره.
وإنما عاتبهم بترك النفر والخروج؛ لئلا يركنوا إلى الدنيا، ولا يرضوا بالحياة الدنيا من الآخرة على ما ركن أولئك الكفرة؛ لأن ركونهم إلى الدنيا وحبهم إياها هو الذي منعهم عن اتباع محمد، وهو الذي حملهم على الكفر بالله، والتكذيب لرسوله، وترك الإجابة له فيما يدعوهم إليه فيقول - والله أعلم - للمؤمنين: ولا تركنوا إلى الدنيا، ولا ترضوا بها من الآخرة؛ ليمنعكم ذلك عن النفر والخروج إلى ما يأمركم رسول الله، على ما منع أولئك الكفرة؛ على ما ذكرنا.
وأصله: أنه إنما استنصرهم لا لحاجة له إلى نصرهم؛ إذ هو قادر أن ينصر رسوله بما شاء، لكن طلب منهم النصر له؛ ليكتسبوا بذلك ثواباً لأنفسهم، وذكراً في الأجل، وكذلك ما طلب منهم الشكر له على نعمه، لا لحاجة له في ذلك، ولكن ليستديموا النعمة، ويصلوا إلى الباقية الدائمة.
وقوله - عز وجل -: { إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }.
أي: اضطروه إلى الخروج حين هموا بقتله، حتى خرج من بين أظهرهم.
وقوله - عز وجل -: { ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ }.
[ثاني اثنين] أي: لم يكن معه من البشر إلا واحد؛ ليعلموا أن النصر لم يكن بأحد من البشر، إنما كان بالله - تعالى - إذ بالواحد لا تكون النصرة والحفظ من ألوف، يذكر فضل أبي بكر، وكان هو ثانيه في كل أمره.
وقوله - عز وجل -: { إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا } لم يكن حزن أبي بكر [خوفاً] على نفسه، ولكن إشفاقاً على رسول الله أن يصاب، وكذلك روي في الخبر أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إنك إن تُصبْ يذهب دين الله، ولن يعبد الله على الوجه الأرض.
وفي بعض الأخبار
"أن أبا بكر كان يبكي إشفاقاً على رسول الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟، فقال له: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين ثالثهما الله" .
وقيل: إنهما لما أتيا باب الغار سبق أبو بكر فدخل الغار، وكان الغار معروفاً بالهوام، فألقمها أبو بكر قدميه، فأطال ذلك، فقال: إن كان فيه شيء بدا لي، أو كلام نحو هذا، - والله أعلم -.
[وقوله] { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا } [التوبة: 40]: ليس بنهي عن الحزن و[الخوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم]، ولكن على تخفيف الأمر عليه وتيسير الحال التي هو عليها.
وقوله - عز وجل -: { فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ }.
قيل: أنزل سكينته على أبي بكر حين قال له رسول الله:
"ما ظنك باثنين ثالثهما الله؟!" ، حتى سكن قلب أبي بكر من الحزن والخوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال بعضهم: أنزل السكينة على رسول الله؛ فهو يخرج على وجهين:
أحدهما: أنه أنزل السكينة عليه حتى رأى هو جنوداً لم يروها هم؛ حيث قال: { وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا }.
والثاني: أنزل سكينته بالحجج والبراهين، لكنه إن كان ما ذكر، فهو قد أنزل السكينة عليه في البدء؛ لأنه كان رسول الله لا يخاف سوى الله، ويعلم أنه ينصره، وكذلك روي عن ابن عباس قال: فأنزل [الله] سكينته على أبي بكر؛ لأن النبي لم تزل السكينة معه؛ وهو أشبه.
وقوله: { وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا }.
يحتمل: في ذلك الوقت.
ويحتمل: في الغزوات التي نصره بالملائكة يوم بدر وغيره؛ يخبر أنه قادر أن ينصره لا بالبشر؛ ليعلموا أنه إنما يأمرهم بالنصر، لا لنصر رسول الله، ولكن ليكتسبوا بذلك ما ذكرنا من الثواب.
وقوله - عز وجل -: { وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا }.
[يحتمل { كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }: وهو ما مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وهموا بقتله جعل مكرهم ومكيدتهم واجتماعهم على ذلك هي السفلى وكلمة الله هي العليا].
أي: مكر الله [بهم] ونصرة رسوله هي العليا؛ كقوله:
{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ... } الآية [الأنفال: 30].
ويحتمل قوله: { كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }: دينهم الذي يدينون به، ومذهبهم الذي ينتحلونه.
{ ٱلسُّفْلَىٰ }، أي: جعل ذلك السفلى بالحجج، وجعل دين محمد [هو] العليا بالحجج والبراهين على ذلك ما كان.
ويحتمل قوله: { كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ }، أي: جعل أهل الكلمة الذين كفروا هم السفلى، وأهل دين الله هم الأعلون؛ كقوله:
{ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } [آل عمران: 139].
وقوله - عز وجل -: { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ } لا يعجزه شيء { حَكِيمٌ }: في أمره.
وقوله - عز وجل -: { ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً }.
اختلف فيه؛ قيل: شباباً وشيوخاً.
وقيل: مرضى وأصحاء.
وقيل: مشاغيل وغير مشاغيل.
وقيل: فقراء وأغنياء.
وقيل: نشاطاً وغير نشاط.
وأصله: انفروا مستخفين ومستثقلين، أي: انفروا، خف عليكم الخروج أو ثقل، وما ذكر أهل التأويل من الشيوخة والشغل والفقر والمرض؛ لأن ذلك بالذي يثقل الخروج والنفر.
وأصله ما ذكرنا أن انفروا، خف عليكم [ذلك] أو ثقل.
وقوله: { ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً }.
انفروا، خف على النفس أو ثقل، أو خف على العقل أو ثقل.
وقوله - عز وجل -: { ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ }.
في الدنيا والآخرة، أي: اعلموا أن ذلك خير لكم من المقام وترك النفر، { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }.