التفاسير

< >
عرض

فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
٨٤
وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ
٨٥
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ
٨٦
وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ
٨٧
-الحجر

حاشية الصاوي

قوله: { مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } { مَّا } اسم موصول أو مصدرية أو نكرة موصوفة فاعل أغنى؛ والتقدير الذي كانو يكسبونه أو كسبهم أو شيء يكسبونه. قوله: (من بناء الحصون) الخ، بيان لما.
قوله: { إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } أي خلقاً ملتبساً بالحكمة والمصلحة والمنافع للعباد، ودلائل على وحدانية الله. قوله: { وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ } أي القيامة. قوله: (فيجازي كل واحد بعمله) أي فينتقم من المسيء، وينعم على المحسن. قوله: (وهذا منسوخ) أي قوله: فاصفح الصفح الجميل؛ وهو أحد قولين، والثاني أن الآية محكمة، ولا ينافي أمره بالقتال، فإن المقصود أمره بأن يصفح عن الخلق الصفح الجميل، ويعاملهم بالخلق الحسن، فيعفو عن المسيء، ويسامح المذنب، وإن كان مأموراً بقتال المشركين، فقتاله للأمر به لا لهوى نفسه، ولذا قال البوصيري:

ولو أن انتقامه لهوى النفـ ـس لدامت قطيعة وجفاء

قوله: { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي } سبب نزولها أن سبع قوافل، أتت من بصرى وأذرعات في يوم واحد، ليهود قريظة والنضير، فيها أنواع من البز والطيب والجواهر، فقال المسلمون: لو كانت هذه الأموال لنا لتقربنا بها، وأنفقناها في سبيل الله فنزلت، والمعنى قد أعطيتكم سبع آيات، خير لكم من سبع قوافل. إن قلت: إن مقتضى ذلك، أن تكون الآية مدنية، مع أنه تقدم أن السورة مكية بإجماع. أجيب: بأنه لا مانع أن هذه الآية نزلت مرتين، مرة بمكة مرة بالمدينة. قوله: (هي الفاتحة) أي لأنها سبع آيات، فمن عد البسملة آية منها، تكون الآية الأخيرة. { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ } [الفاتحة: 7] الخ، ومن لم يعدها آية، تكون السابعة قوله: { { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } [الفاتحة:7 ]، وهذا القول هو الراجح، وعليه فيكون عطف قوله: { وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ } من عطف الكل على الجزء، أو من عطف العام على الخاص، وقيل المراد بالسبع المثاني الحواميم، وقيل السبع الطوال أولها البقرة، وآخرها مجموع الأنفال من براءة، وقيل جميع القرآن، وعليه يكون العطف مرادفاً. قوله: (لأنها تثنى في كل ركعة) أي تعاد في كل ركعة، وهذا أحد الوجوه في سبب تسميتها بالمثاني، وقيل سميت بذلك، لأنها مقسومة بين العبد وبين الله نصفين، فنصفها الأول ثناء على الله، ونصفها الثاني دعاء، وقيل لأن كلماتها مثناة مثل قوله: { { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } [الفاتحة: 1] { { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة: 5] إلى آخرها، وقيل لأنها نزلت مرتين: مرة بمكة ومرة بالمدينة، معها سبعون ألف ملك.