التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً
١٠٧
خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً
١٠٨
قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً
١٠٩
قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً
١١٠
-الكهف

حاشية الصاوي

قوله: (في علم الله) أي قبل أن يخلقوا، وهو جواب عما يقال: إنهم يدخلونها في المستقبل، فلم عبر بالماضي؟ فأجاب: بأن المراد ثبتت واستقرت لهم قبل خلقهم، فهو نظير قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } [الأنبياء: 101] الآية. قوله: (هو وسط الجنة) إما بسكون السين بمعنى أنها متوسطة بين الجنات، أو بفتحها بمعنى خيارها، قال كعب: ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس، فيها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، والفردوس الجنة من الكرم خاصة، أو ما غالبها كرم، واختلف فيه فقيل هو عربي، وقيل أعجمي، وقيل هو رومي، وقيل فارسي، وقيل سرياني. قوله: (منزلاً) أي وقيل ما يهيأ للضيف. قوله: { خَالِدِينَ } حال مقدرة. قوله: { لاَ يَبْغُونَ } حال أخرى. قوله: (تحولاً) أي انتقالاً عنها إلى غيرها، لأن فيه ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.
قوله: { قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً } سبب نزولها: أن اليهود قالت: يا محمد إننا قد أوتينا التوارة، وفيها علم كثير، فكيف تقول:
{ وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [الإسراء: 85] وقصدهم بذلك الإنكار عليه، وإثبات الفضل لهم. قوله: (أي ماؤه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله: { لِّكَلِمَاتِ رَبِّي } أي النفسية القائمة بذاته، ويصح أن يراد بها الكلمات القرآنية الحادثة، ويكون المراد بعدم تناهيها باعتبار مدلولاتها. قوله: { لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ } أي فرغ. قوله: { قَبْلَ أَن تَنفَدَ } إن قلت: إن الآية تدل على نفاد الكلمات وفراغها، لأن مقتضى قوله: { قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي } أنها تفرغ بعد فراغ المداد. وأجيب: بأن قيل بمعنى غير. قوله: (بالتاء والياء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (لنفد) قدره إشارة إلى أن لو شرطية جوابها محذوف ويوضح هذه الآية قوله تعالى في سورة لقمان { وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ } [لقمان: 27]. قوله: (ونصبه) أي مداداً. وقوله: (على التمييز) أي لمثل. قوله: (باقية على مصدريتها) أي فما وإن كفتها عن العمل، لا تخرجها عن المصدرية. قوله: (والمعنى) أي المأخوذ من التركيب. قوله: { عَمَلاً صَالِحاً } أي بشروطه وأركانه. قوله: (بأن يرائي) هذا قدر زائد على التوحيد والعمل، وحينئذ فيكون بياناً للإيمان الكامل، الذي يرقى به صاحبه المراتب العلية واللقى الخاص، وإلا فالمراتب ثلاث: من أردا بعمله الحظ الفاني فهو في أدنى المراتب، ومن أراد به الخوف من العذاب والفوز بجزيل الثواب فهو أعلى منه، ومن أراد وجه الله فهو في أعلى المراتب.