التفاسير

< >
عرض

فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً
٦٥
-الكهف

حاشية الصاوي

قوله: { فَوَجَدَا عَبْداً } قيل دخل السرب مكان الحوت، فوجداه جالساً على جزيرة في البحر، وقيل وجداه عند الصخرة مغطى بثوب أبيض، طرفه تحت رأسه، والآخر تحت رجليه، فسلم عليه موسى، فرفع رأسه واستوى جالساً وقال: وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل، فقال له موسى: ومن أخبرك إني نبي بني إسرائيل؟ فقال: الذي أدراك بي ودلك علي، ثم قال: لقد كان لك في بني إسرائيل شغل، قال موسى: إن ربي أرسلني إليك لأتبعك وأتعلم منك.
قوله: { مِّنْ عِبَادِنَآ } الإضافة لتشريف المضاف، أي من عبيدي الخصوصية. قوله: (هو الخضر) بفتح الخاء مع كسر الضاد أو سكونها، وبكسر الخاء مع سكون الضاد، ففيه ثلاث لغات، وهذا لقبه، واسمه بليا بفتح الباء وسكون اللام بعدها ياء تحتية آخره ألف مقصورة، ومعناه بالعربية أحمد بن ملكان، وكنيته أو العباس، قال بعض العارفين: من عرف اسمه واسم أبيه وكنيته ولقبه مات على الإسلام، ولقب بالخضر لأنه جلس على الأرض فاخضرت تحته، وقيل لأنه كان إذا صلى اخضر ما حوله، وهو من نسل نوح، وكان أبوه من الملوك. قوله: (نبوة في قول) أي وقد صححه جماعة، والجمهور على أنه حي إلى يوم القيامة لشربه من ماء الحياة، يجتمع به خواص الأولياء ويأخذون عنه، قال العارف السيد البكري صاحب ورد السحر في توسلاته:

بِنَقِيبهم في كُلِّ عَصْرِ الخُضرِ أبِي الـ ـعَبَاس من أَحْيَا بِمَاء وصاله
حَي وَحَقّك لَمْ يَقل بِوَفَاتِهِ إِلاَّ الَّذِي لَمِ يلقَ نُور جماله
فَعَلَيْهِ مِنِّي كُلَّمَا هَبَّ الصّبَا أَزْكَى سَلاَمٌ طَابَ فِي إِرْسَالِهِ

وقد اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عنه فهو صاحبي. قوله: { مِن لَّدُنَّا } أي مما يختص بنا، ولا يعلم بواسطة معلم من أهل الظاهر. قوله: (خطيباً) أي واعظاً يذكر الناس، حتى فاضت العيون ورقت القلوب، وكانت تلك الخطبة بعد هلاك القبط، ورجوع موسى إلى مصر. قوله: (إذ لم يرد العلم إليه) أي فكان عليه أن يقول مثلاً: الله أعلم، وهذا من باب عتاب الأحباب تأديباً لموسى، وإلا فالواقع أن موسى أعلم من الخضر. قوله: (هو أعلم منك) أي في خصوص علم الكشف والوقائع المخصوصة، وهو بالنسبة للعلم الذي أوحاه الله إلى موسى قليل، فلذلك رغب موسى في حيازته. قوله: (فكيف لي به) أي فلما سمع موسى هذا، تشوقت نفسه الزكية وهمته العلية لتحصيل علم ما لم يعلم. قوله: (قال تأخذ معك حوتاً) لعل الحكمة في تخصيصه ما ظهر بعد من حياته ودخوله في البحر. قوله: (فتجعله في مكتل) هو الزنبيل بكسر الزاي من خوص النخل، ويقال له القفه تسع خمسة عشر صاعاً. قوله: (فهو ثم) أي هناك. قوله: (جرية الماء) بكسر الجيم.قوله: (مثل الطاق) هو البناء المقوس كالقنطرة. قوله: (أن يخبره بالحوت) أي بما حصل من أمره. قوله: (قال موسى) أي بعد أن صليا الظهر من اليوم الثاني. قوله: (قال) أي النبي صلى الله عليه وسلم في شأن تفسير الآية.