التفاسير

< >
عرض

أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً
٧٧
أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً
٧٨
كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً
٧٩
وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً
٨٠
-مريم

حاشية الصاوي

قوله: { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا } الاستفهام تعجبي، أي تعجب يا محمد من مقالة هذا الكافر الشنيعة. قوله: (العاص بن وائل) هو أبو سيدنا عمرو، الذي فتح مصر في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو والد عبد الله أحد العبادلة المشهورة، قوله: (الخباب بن الأرث) هو بدري من فقراء الصحابة، وذلك أن خباباً كان صائغاً، فصاغ العاصي حلياً، ثم طالبه بأجرته فقال له: لن أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقال خباب: لن أكفر به حتى تموت ثم تبعث، قال: وإني لمبعوث من بعد الموت، فسوف أعطيك إذا رجعت إلى مال وولد. قوله: (واستغنى بهمزة الاستفهام) الخ، أي فأصله أأطلع، حذفت همزة الوصل تخفيفاً.
قوله: { كَلاَّ } ذكر النحويون في هذه اللفظة ستة مذاهب أحسنها أنها حرف ردع وزجر، والثاني أنها حرف تصديق بمعنى نعم، الثالث بمعنى أنها حق، الرابع أنها رد لما قبلها، الخامس أنها صلة في الكلام بمعنى أي، السادس أنها حرف استفتاح، وذكرت في القرآن في ثلاثة وثلاثين موضعاً، وكلها في النصف الثاني منه، في خمس عشرة سورة، كلها مكية، ترجع إلى ثلاثة أقسام: قسم يجوز الوقف عليها وعلى ما قبلها فيبتدأ بها، وذلك في خمسة مواضع، اللتان في هذه السورة، واللتان في الشعراء، وواحدة في سبأ. وقسم اختلف فيه، هل يجوز الوقف عليها، أو يتعين على ما قبلها؟ وذلك في تسعة مواضع: واحدة في المؤمنون، واثنتان في سأل سائل، والأولى والثالثة في المدثر، والأولى في سورة القيامة، والثانية في سورة ويل للمطففين، والأولى في سورة الفجر، والتي في سورة ويل لكل. وقسم لا يجوز الوقف عليها باتفاق، وهو التسع عشرة الباقية. قوله: { سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ } أي نظهره له ونعلمه أنا كتبناه، فاندفع ما يقال: إن الكتابة لا تتأخر عن القول، قال تعالى:
{ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق: 18]. قوله: (نزيد بذلك عذاباً) الخ، أي لما تقدم أن كل من كان أشد كفراً، كان أعظم عذاباً.
قوله: { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } أي نسلبه ونأخذه منه، بأن يخرج من الدنيا خالياً من ذلك. قوله: { فَرْداً } أي منقطعاً من ماله وولده بالكلية، فلا يلقى مالاً ولا ولداً أصلاً لا في البعث، ولا في النار، لانقطاع الأسباب بينهم وبين أولادهم، بل وبين ما يشتهون، كما قال تعالى:
{ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } [سبأ: 54] وأما المؤمنون وإن كانوا يبعثون فرداً، إلا أنهم يلاقون أحبابهم وأولادهم وما يشتهونه.