التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٧٣
-البقرة

حاشية الصاوي

قوله: { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ } المقصود من هذا الحصر الرد على من حرم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام على من أحل بعض المحرمات فالحصر إضافي. قوله:(وهو ما لم يذك شرعاً) أي إما لكونها لا تعمل فيه أصلاً كالبغال والحمير أو تعمل فيه ولكن لم يذك كالأنعام إجماعاً والخيل على مذهب الشافعي. قوله: (ما أبين من حي) أي فهو ميتة. قوله: (وخص منها السمك والجراد) أي لما في الحديث "وأحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال" وإنما أحل الكبد والطحال المنفصلان من الحيوان بعد ذكائه شرعاً لكونهما ليسا من الدم والمسفوح. قوله: (أي المسفوح) أي ولو من سمك خلافاً لأبي حنيفة، ومن هنا اختلف في الفسيخ فقال الأئمة الثلاثة: محرمة أكله وبيعه لشرب بعضه من دم بعض حين تكديسه، وقال أبو حنيفة بطهارته لأنه لا دم له أصلاً، وإنما الذي ينزل منه دهن لا دم بدليل أنه لو نشف لصار أبيض لا أحمر، وقال أستاذنا العارف بالله تعالى شيخنا الشيخ الدردير الذي أدين الله به أن الفسيخ بجميع أجزائه طاهر يجوز أكله، وأما لو نشف بحيث لم يسل منه دم كالسمك المالح فهو طاهر حلال بإجماع. قوله: (كما في الأنعام) أي في سورة الأنعام في قوله تعالى: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً } [الأنعام: 145] الآية، فما هنا يقيد بما هناك.
قوله: { وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ } أي البر إنسياً أو وحشياً، وأما البحري فهو حلال وكلبه كذلك. قوله: (وغيره تبع له) ظاهره حتى الشعر ولكن مذهب مالك حل لبسه والانتفاع. قوله: (والإهلاك رفع الصوت) أي قد سمي الشيء باسم صاحبه، ولذلك يقال استهل المولود بمعنى صاح عند الولادة وسمي الهلال بذلك لرفع الصوت عند رؤيته. قوله: { فَمَنِ ٱضْطُرَّ } هذا كالاإستدراك على عموم قوله: { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ }. قوله: { غَيْرَ بَاغٍ } حال من الضمير في اضطر. قوله: (لأوليائه) أي الذين أكلوا عن اضطرار. قوله: (حيث وسع لهم في ذلك) أي فأباح لهم أكلها والشبع منها حيث كانت المخمصة دائمة، وأجمعت الأئمة على ذلك، واختلفوا إذا لم تدم المخمصة فرجح مالك الشبع والتزود وذكره غير قولين، وعلى كل فإذا استغنى عنها طرحها ويقدم الميتة وما أهل لغير الله في الأكل على لحم الخنزير. قوله: (وعليه الشافعي) أي فمذهب الشافعي أن العاصي بسفره لا يأكل من الميتة إلا إن تاب، وأما مذهب مالك وأبي حنيفة أن العاصي بسفره له الأكل من الميتة وإن لم يتب، وفسر قوله غير باغ أي غير طالب الميتة وما معها وهو يجد غيرها وغير عاد أي متعد ما أحل الله وقيل غير مستحل لها.