التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ ٱلْكِتَابِ وَٱلْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
٢٣١
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِٱلْمَعْرُوفِ ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
٢٣٢
وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ وَعلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى ٱلْوَارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٢٣٣
-البقرة

حاشية الصاوي

قوله: { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } أي طلاقاً رجعياً وإنما كرره للإيضاح. قوله: (قاربن انقضاء عدتهن) أي أشرفهن عليها. قوله: (مفعول له) أي لأجله. قوله: { لِّتَعْتَدُواْ } علة لقوله ضراراً. قوله: (بالإلجاء) أي الأضرار. قوله: (تطويل الحبس) أي العدة. قوله: { فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } أي لما في الحديث: "يغلبن كريماً ويغلبن لئيم، فأحب أن أكون كريماً مغلوباً ولا أحب أن أكون لئيما غالباً" . قوله: (بمخالفتها) أي فأطلق الاستهزاء وأراد المخالفة، قوله: (ما فيه من الأحكام) أي العلوم النافعة. قوله: (بالعمل به) أي ولا تتخذوها هزوا. قوله: (لا يخفى عليه شيء) أي فيثيب المطيع ويعذب العاصي. قوله: (انقضت عدتهن) أي فبلوغ الأجل في المحلين مختلف. قوله: (خطاب للأولياء) أي وأما الخطاب في طلقتم فهو خطاب للأزواج، ويصح أن يكون خطاباً للأولياء أيضاً، والمعنى إذا رفعن أمورهن إليكم أيها الأولياء وتسببتم في طلاقهن من أزواجهن، ثم زال ما في النفوس وأرادوا العقد على أزواجهم فلا يكن منكم عضل لهن من ذلك. قوله: (أن أخت معقل) أي واسمها جميلة. قوله: (طلقها زوجها) أي واسمه عاصم بن عدي. قوله: (أي الأزواج والنساء) وغلب الذكور لشرفهم وهو جمع باعتبار أفراد الرجال والنساء. قوله: (لأنه المنتفع به) جواب عما يقال لمن خص المؤمنين. قوله: (سبب العلاقة) أي الارتباط. قوله: (فاتبعوا أمره) أي ولا تطيعوا أنفسكم في العضل، فمتى كان لكم منهما رغبة في الآخر فلا يكن منكم منع في ذلك لأنه لا مصلحة فيه، وقد جرت عادة الله في كتابه أنه يتخلل الأحكام والقصص بالمواعظ الجليلة، وفي الحديث "كان يتخولنا بالمواعظ مخافة السآمة" علينا. قوله: (أي ليرضعن) فسره بالأمر إشارة إلى أن الجملة خبرية لفظاً إنشائية معنى فالمقصود منها الأمر وهو للندب للأم بشروط ثلاثة إن كان للولد أب موسر، أو مال، ووجد من ترضعه غير أمه وقبلها، فإن فقد شرط منها وجب عليها الرضاع.
قوله: { أَوْلاَدَهُنَّ } أي ذكوراً أو إناثاً. قوله: { كَامِلَيْنِ } هذا تقريب عند مالك فألحق الشهران بالحولين وتحديد عند الشافعي. قوله: (صفة مؤكدة) أي لدفع توهم تسمية الأقل منهما باسم الكامل تسمحاً، والمقصود من النص على الحولين قطع النزاع بين الزوجين حيث أراد أحدهما أكثر من الحولين أو أقل، والآخر الحولين فإنه يقضى لمن أرادهما. قوله: { لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ } الجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف قدره المفسر بقوله ذلك وهو جواب عن سؤال مقدر. قوله: (ولا زيادة عليه) أي خلافاً لمن قال إذا شحت المرأة قضي لها بثلاثين شهر أو لمن قال بثلاثة أعوام. قوله: { وَعلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُ } أي المنسوب له الولد احترازاً عن ابن الزنا، ومن نفاه أبوه بلعان فلا يلزم أباه شيء من أجله لقطع نسبه. قوله: { رِزْقُهُنَّ } أي دفع الرزق بمعنى الأجرة التي يتحصل بها الطعام والشراب والكسوة. قوله: (إذ كن مطلقات) أي بائناً، وأما الرجعيات واللاتي في العصمة فلا يلزمه أجرة على الرضاع عند الشافعي وكذا عند مالك في غير من شأنها عدم الأرضاع بنفسها كنساء الملوك، وأما هي فلها أن تأخذ الأجرة على ذلك، هكذا حمله المفسر على غير الزوجة، وبعضهم حمله على ما يعم الزوجة بمعنى أن الزوجة تأخذ الأجرة على الرضاع ولو ناشزاً ولو يجرى على حكم النفقة الزوجية. قوله: (بقدر طاقته) أي عسراً ويسراً.
قوله: { لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ } ببناء الفعل للمجهول ونفس نائب الفاعل، وفي قراءة يكلف نفساً ببناء للفاعل، والفاعل هو الله سبحانه وتعالى. قوله: (بأن تكره على إرضاعه) أي بغير أجرة أو بأجرة دون أجرة المثل حيث طلبتها، قوله: (إذا امتنعت) أي ووجد غيرها وقبلها الولد وكان الأب موسراً وللولد مال، وإلا أكرهت الأم على إرضاعه إما بنفسها أو تكري له من يرضعه، قوله: (في ماله) أي وهو مقدم ثم مال الأب ثم مال الأم عند مالك، قوله: (للوالدة) أي المرضعة والدة كانت أو غيرها.
قوله: { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً } هذا تقييد لما تقدم في قوله حولين كاملين. قوله: { عَن تَرَاضٍ } الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لفصالا قدره المفسر بقوله صادراً. قوله: (في فعل ذلك) أي ولا في الزيادة على الحولين عند الاتفاق بل هو جائز شرعاً، ومنعه الحكماء لما فيه من توريث البلادة للطفل. قوله: (مراضع) مفعول أول لتسترضعوا مؤخر، واولادكم مفعول ثان مقدم على حذف الجار أي إن أردتم أن تطلبوا مراضع لأولادكم، لأن أفعل إذا كان متعدياً إلى مفعول واحد وزيدت فيه السين للطلب، أو النسبة يصير متعدياً إلى مفعولين كما قال الزمخشري، وقال الجمهور إنما يتعدى للثاني بحرف الجر فيكون أولادكم منصوباً بنزع الخافض، وأن ما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول أردتم. قوله: (غير الوالدات) أي حيث كانت أجرة الغير أقل من أجرة الأم أو كانت الغير ترضع مجاناً، أما إذا استويا فالأم أولى. قوله: { إِذَا سَلَّمْتُم } ليس شرطاً لصحة الإجارة بل هو بيان للأكمل لأن التعجيل أطيب لنفوسهن. قوله: { بِٱلْمَعْرُوفِ } فيه ثلاثة أوجه أحدها أنه متعلق بسلمتم، الثاني أنه متعلق بآتيتم، الثالث أنه حال من فاعل سلمتم أو آتيتم، والعامل فيه حينئذ محذوف أي ملتبسين بالمعروف. قوله: { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } مبالغة في المحافظة على ما شرع في أمر الأطفال والمراضع.