التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِٱلإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
٨٥
أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
٨٦
-البقرة

حاشية الصاوي

قوله: { ثُمَّ أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ } أنتم مبتدأ وجملة تقتلون خبره، وهؤلاء منادى وحرف النداء محذوف والجملة معترضة بين المبتدأ والخبر، قوله: { تَظَاهَرُونَ } في محل نصب على الحال من فاعل تخرجون وهو من باب الحذف من الأوائل لدلالة الأواخر، التقدير تقتلون أنفسكم متظاهرين وتخرجون فريقاً كذلك قوله: (في الأصل) أي بعد قلبها ظاء، قوله: (بالتخفيف) أي بحذف التاء الثانية التي ليست للمضارعة، ولم تحذف التي للمضارعة لأنه أتى بها لمعنى. قوله: { بِٱلإِثْمِ } يجمع على آثام قوله: (وفي قراءة أسرى) أي بالإمالة وهي لحمزة وكل منهما جمع لأسير، قوله: (وفي قراءة تفادوهم) الحاصل أن القراءات خمس أسرى بالإمالة مع تفدوهم فقط أسارى بالإمالة وعدمها مع تفدوهم وتفادوهم. وقوله: (أي الشأن) ويقال ضمير القصة يفسره ما بعده، قال ابن هشام ويختص بخمسة أشياء كونه مفرداً ولو كان مرجعه مثنى أو مجموعاً، وتأخير مرجعه وكونه جملة ولا يعمل فيه إلا الابتداء أو الناسخ ولا يتبع.
قوله: { مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ } مبتدأ وخبر والجملة خر ضمير الشأن ولم تحتج لرابط لأنها عين المبتدأ في المعنى. قوله: (والنضير) معطوف على قريظة والعامل فيه كانت، وقوله الخزرج معطوف على الأوس والعامل فيه حالفوه ففيه العطف على معمولي عاملين مختلفين قصداً للإختصار، ويحتمل أن الخزرج معمول لمحذوف التقدير حالفوا والحاصل لأن الأوس والخزرج فرقتان في المدينة وهم الأنصار وكان بينهما عداوة ولم يرسل لهم نبي غير رسول الله، وأما قريظة وبنو النضير فكانوا مكلفين بشريعة موسى وكانوا أذلاء، فاستغز قريظة بالأوس وبنو النضير بالخزرج، فكان إذا اقتتل الأوس مع الخزرج قاتل مع كل حلفاءه، فإذا أسر حلفاء قريظة أسيراً من بني النضير افتداه قريظة وبالعكس فإذا سئلوا عن القتال أجابوا بأنهم قاتلوا خشية أن يستذل من استعزوا به، وعن الفداء أجابوا بأننا أمرنا به. قوله: { أَفَتُؤْمِنُونَ } أي تصدقون بالعمل به قوله: (وقد خزوا) اصله خزيوا استثقلت الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان الياء والواو حذفت الياء لالتقاء الساكنين وقلبت كسرة الزاي ضمة لمناسبة الواو. قوله (بقتل قريظة) أي حين دخل النبي المدينة وأسلم الأوس والخزرج، فعزاهم النبي وأصحابه إلى أن نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم فيهم قتل شجعانهم وسبي ذراريهم ونسائهم فقتل منهم سبعمائة، وكان ذلك في السنة الرابعة من الهجرة. قوله: (ونفي النضير إلى الشام) أي مع كل واحد حمل بعير من طعام لا غير. قوله: (وضرب الجزية) أي على من بقي من قريظة وسكن خيبر، وعلى بني النضير بعد ذهابهم إلى الشام. قوله: { يُرَدُّونَ } وقرئ شاذ بالتاء. قوله: (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (بأن آثروها) بالمد بمعنى قدموها.