التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٤٩
وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ
٥٠
يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
٥١
وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ
٥٢
-المؤمنون

حاشية الصاوي

قوله: (أي قومه بني اسرائيل) أشار بذلك إلى أن الضمير في { لَعَلَّهُمْ } راجع لقوم موسى لا لفرعون وقومه، لأن التوراة إنما جاءته بعد هلاك فرعون وقومه. (جملة واحدة) إما راجع لقوله: (وأوتيها) أو راجع لهلاك فرعون وقومه. قوله: (لأن الآية فيهما واحدة) أي لأن ودلاته من غير أب أمر خارق للعادة، فيصح نسبته لها وله.
قوله: { وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ } سبب ذلك، أن ملك ذلك الزمان، كان أراد أن يقتل عيسى، فهربت به أمه إلى تلك الربوة ومكثت بها اثنتي عشرة سنة، حتى هلك ذلك الملك. قوله: (وهو بيت المقدس) هو أعلى مكان من الأرض، لأنه يزيد على غيره في الارتفاع ثمانية عشر ميلاً، فهو أقرب الباقع إلى السماء. قوله: { وَمَعِينٍ } اسم مفعل من عان يعين فهو معين، وأصله معيون كمبيوع، استثقلت الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان، حذفت الواو لالتقاء الساكنين، وكسرت العين لتصح الياء.
قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } خطاب لجميع الرسل على وجه الإجمال، فليس المراد أنهم خاطبوا بذلك دفعة واحدة، بل المراد خوطب كل رسول في زمانه بذلك. بأن قيل مثلاً لكل رسول: كل من الطيبات واعمل صالحاً، إني بما تعمل عليهم، وحكمة خطاب النبي بها على سبيل الإجمال، التشنيع على رهبانية النصارى، حيث يزعمون أن ترك المستلذات مقرب إلى الله، ف رد الله عليهم بأن المدار على أكل الحلال وفعل الطاعات. قوله: (الحلالات) أي مسلتذات أم لا.
قوله: { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً } أي شكراً على تلك النعم، لتزدادوا بها قرباً من ربكم. قوله: (فأجازيكم عليه) أي إن خيراً فيخر، وإن شراً فشر، فالآية، فيها ترغيب وترهيب. قوله: { وَ } (اعلموا) { إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ } قدر المفسر لفظ (اعلموا) إشارة إلى أن { إِنَّ } بفتح الهمزة معمولة لمحذوف و{ هَـٰذِهِ } اسمها، و{ أُمَّتُكُمْ } خبرها، وأمة حال، وواحدة صفة له. قوله: (دينكم) أشار بذلك إلى أن المراد بالأمة الدين، والمراد به العقائد، لأنها هي التي اتحدت في جميع الشرائع، وأما الأحكام الفرعية، فقد اختلفت باختلاف الشرائع. قوله: (وفي قراءة بتخفيف النون) أي والهمزة مفتوحة، والعامل مقدر كما في المشددة، واسمها ضمير الشأن، و{ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ } مبتدأ وخبر، والجملة خبر { إِنَّ }. قوله: (استئنافاً) أي فهو إخبار من الله، بأن جميع الشرائع متفقة الأصول، والقراءات الثلاث سبعيات. قوله: { فَٱتَّقُونِ } أي افعلوا ما أمرتكم به واتركوا ما نهيتكم عنه.