التفاسير

< >
عرض

فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
٥٣
فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ
٥٤
أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ
٥٥
نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ
٥٦
إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ
٥٧
وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ
٥٨
وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ
٥٩
وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ
٦٠
أُوْلَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ
٦١
-المؤمنون

حاشية الصاوي

قوله: { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ } أي جعلوا دينهم فرقاً، فلذلك صاروا فرقاً مختلفة، كاليهود والنصارى والمجوس، وغير ذلك من الأديان الباطلة. قوله: { زُبُراً } جمع زبور بمعنى فريق. قوله: { فَرِحُونَ } أي لاعتقادهم أنهم على الحق. قوله: { فَذَرْهُمْ } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والضمير لكفار مكة، كما أشار لذلك المفسر، وهو تسلية له. قوله: { فِي غَمْرَتِهِمْ } مفعول ثان لذرهم، أي مستقرين فيها، والغمرة في الأصل الماء الذي يغمر القامة، ثم استعير ذلك للجهالة، والغمر بالضم يقال لمن لم يجرب الأمور، والغمر بالكسر الحقد. قوله: { مِن مَّالٍ وَبَنِينَ } بيان لما. قوله: { بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } إضراب انتقالي، أي لا يعلمون أن توسعة الدنيا ليست نائشة عن الرضا عليهم، بل استدراج لهم، قال تعالى: { إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً } [آل عمران: 178].
قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم } { ٱلَّذِينَ } اسم { إِنَّ }، و{ هُم } مبتدأ، و{ مُّشْفِقُونَ } خبره و{ مِّنْ خَشْيةِ } متعلق بمشفقون، وكذا يقال فيما بعده. قوله: { مُّشْفِقُونَ } الإشفاق الخوف مع زيادة التعظيم، فهو أعلى من الخشية، وهذه الأوصاف متلازمة من اتصف بواحد منها لزم منه الاتصاف بالباقي. قوله: (القرآن) أي وغيره من باقي الكتب السماوية. قوله: (يعطون) أشار بذلك إلى أن قوله: { يُؤْتُونَ } من الإيتاء وهو الإعطاء. قوله: { وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } الجملة حالية من فاعل { يُؤْتُونَ } أي والحال أن قلوبهم خائفة من عدم قبول أعمالهم الصالحة، لما قام بقلوبهم من جلال الله وهيبته وعزته واستغنائه، ولذا ورد عن أبي بكر الصديق أنه قال: لا آمن مكر الله ولو كانت إحدى قدمي داخل الجنة والأخرى خارجها، وكان كثير البكاء من خشية الله، حتى أثرت الدموع في خديه. قوله: (يقدر قبله لام الجر) أي فيكون تعليلاً لقوله: { وَجِلَةٌ }.
قوله: { أُوْلَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } هذه الجملة خبر عن قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ } وما عطف عليه، فاسم { إِنَّ } أربع موصولات، وخبرها جملة { أُوْلَـٰئِكَ } الخ. قوله: { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } الضمير قيل للخيرات وقيل للجنة وقيل للسعادة، وقوله: (في علم الله) أي كتبوا سابقين في علم الله، فظهر فيهم مقتضى سابقية العلم.