التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ
١٣٦
إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ
١٣٧
وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
١٣٨
فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ
١٣٩
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ
١٤٠
كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ
١٤١
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ
١٤٢
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ
١٤٣
فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ
١٤٤
وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٤٥
أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ
١٤٦
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
١٤٧
-الشعراء

حاشية الصاوي

قوله: { أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ } هذا أبلغ من أن يقولوا أولم تعظ، لأن المعنى سواء علينا أوعظت، بأن كنت من أهل الوعظ، أم لم تكن أصلاً من أهله، بأن كنت أمياً مثلنا ولست نبياً. قوله: (أي لا نرعوي لوعظك) أي لا نرتدع ولا ننكف له. قوله: { إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ } أي من تقدموا قبلك كشيث ونوح، فإنهم كانوا يختلقون أموراً فاقتديت بهم، فاسم الإشارة على هذه القراءة، راجع لما خوفهم به. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً، وعليها فاسم الإشارة عائد على معتقدهم، وهو عدم البعث. قوله: (أي طبيعتهم وعادتهم) أي عادة الأولين من قبلنا، أنهم يعيشون ما عاشوا ثم يموتون، ولا بعث ولا حساب.
قوله: { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } أي على ما فعلنا من الأعمال. قوله: { فَكَذَّبُوهُ } أي استمروا على تكذيبه. قوله: (بالريح) أي الصرصر، وكانت باردة شديدة الصوت لا ماء فيها، وسلطت عليهم سبع ليال وثمانية أيام، أولها من صبح يوم الأربعاء لثمان بقين من شوال، وكانت في أواخر الشتاء، وسيأتي بسطها في سورة الحاقة. قوله: { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } أي بل أقلهم كانوا مع هود في حظيرة تنسم عليهم ريح لينة، حتى مضت تلك المدة، فأخذهم وهاجروا من تلك الأرض إلى مكة. قوله: { ٱلْعَزِيزُ } أي الغالب على أمره. قوله: { ٱلرَّحِيمُ } أي المنعم على عباده بدقائق النعم. قوله: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ } اسم أبي قبيلة صالح الاعلى، سميت القبيلة باسمه، وتسمى أيضاً عاداً الثانية، وهم ذرية من آمن من قوم هود. قوله: { ٱلْمُرْسَلِينَ } المراد بهم صالح، وتقدم وجه التعبير بالجمع. قوله: { أَخُوهُمْ } أي في النسب، لاجتماعهم معه في الأب الأعلى، وعاش صالح من العمر مائتين وثمانين سنة, وبينه وبين هود مائة سنة. قوله: { أَلا تَتَّقُونَ } تقدم أن { أَلا } أدارة عرض كما في قول الشاعر:

يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما قد حدثوك فيما راءٍ كمن سمعا

وحكمة التعبير أولاً بالعرض، تأليف قلوبهم للتوحيد بالكلام اللين، لقصر عقلهم وجهلهم. قوله: { أَتُتْرَكُونَ } الاستفهام إنكاري توبيخي، وما اسم موصول بيّنها المفسر بقوله: (من الخيرات) وهنا اسم إشارة للمكان القريب، والمراد دار الدنيا، والمعنى أتظنون أنكم تتركون في الدنيا متمتعين بأنواع النعم والشهوات، آمنين من كل مكروه، ولا تمتحنون بأوامر ونواه، ولا تحاسبون على شيء فيها؟ لا تظنوا ذلك، بل الواجب عليكم ترك الفاني والاشتغال بالباقي. قوله: { جَنَّاتٍ } بدل من قوله: { هَاهُنَآ } بإعادة الجار.