التفاسير

< >
عرض

قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ
٧٢
أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ
٧٣
قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ
٧٤
قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ
٧٥
أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ
٧٦
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ
٧٧
ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ
٧٨
وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ
٧٩
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
٨٠
وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ
٨١
-الشعراء

حاشية الصاوي

قوله: { قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ } أتى بالمضارع إشارة إلى أن هذا الوصف مستمر وثابت في الأصنام في الماضي والحال والاستقبال، ولا بد من محذوف هنا، دل عليه قوله: { إِذْ تَدْعُونَ } تقديره هل يسمعون دعاءكم، قوله: { إِذْ تَدْعُونَ } { إِذْ } هنا بمعنى إذا، استحضاراً للحال الماضية وحكاية لها تبكيتاً عليهم. قوله: { قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ } الخ، هذا الجواب يفيد تسليم ما قاله إبراهيم، وإنما اعتذروا عن ذلك بالتقليد، فلما لم يجدوا مخلصاً غيره احتجوا به. قوله: { قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ } الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة عليه، والتقدير أتأملتم فعلكم أو أبصرتم ما كنتم تعبدون. قوله: { وَآبَآؤُكُمُ } عطف على الضمير في { تَعْبُدُونَ } وهو ضمير رفع متصل، فلذا فصل بالضمير المنفصل، قال ابن مالك:

وإن على ضمير رفع متصل عطفت فافصل بالضمير المنفصل

قوله: { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ } أسند العداوة لنفسه تعريضاً بهم، وهو أبلغ في النصيحة من التصريح بأن يقول فإنهم عدو لكم، إن قلت: كيف وصف الأصنام بالعداوة وهي لا تعقل؟ أجيب بأجوبة منها: أن المعنى عدو لي يوم القيامة إن عبدتهم في الدنيا، ومنها أن الكلام على حذف مضاف؛ أي فإن أصحابهم عدو لي، ومنها أن الكلام على القلب أي فإني عدو لهم. قوله: { إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } أشار المفسر بقوله: (لكن) إلى أن الاستثناء منقطع، والمعنى لكن رب العالمين ليس بعدوي، بل هو ولي في الدنيا والآخرة. قوله: { ٱلَّذِي خَلَقَنِي } نعت لرب العالمين، أو بدل أو عطف بيان أو خبر لمحذوف، وما بعده عطف عليه. قوله: { فَهُوَ يَهْدِينِ } أتى بالفاء هنا، وفي قوله: { يَشْفِينِ } لترتب الهداية على الخلق والشفاء على المرض، بخلاف الإطعام والإسقاء، فليس بينهما ترتب، وأتى بثم في جانب الأحياء، لبعد زمنه عن زمن الموت، لأن المراد به الاحياء في الآخرة، قوله: (إلى مدين) أي وغيره من مصالح دنياي وآخرتي، وإنما خص الدين، لأن المقام للرد ولأنه أهم.
قوله: { وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } أي في الدنيا والآخرة. قوله: { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } أسند المرض لنفسه، وإن كان الكل من الله تأدباً كما قال تعالى:
{ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ } [آل عمران: 26] ولم يقل الشر، وقال الخضر: { فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا } [الكهف: 79]، وقال { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا } [الكهف: 82].