التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٧٢
ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ
١٧٣
فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
١٧٤
-آل عمران

حاشية الصاوي

قوله: { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ } نزلت في أهل أحد حين دعاهم للقتال ثانياً بعد حصول التفرقة لهم، فخرجوا وساروا خلف العدو ثمانية أميال، فوقع بينهم ما وقع في مكان يقال له حمراء الأسد، فحصل التوافق بين أبي سفيان والنبي أن يرفعوا القتال إلى العام القابل، والموعد بدر الصغرى، فسار أبو سفيان وأصحابه، ومكث النبي صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد من يوم الأحد إلى يوم الجمعة إذا علمت ذلك، فقول المفسر (بالخروج للقتال لما أراد أبو سفيان إلخ) ليس بسديد فإن الآية نزلت مدحاً لمن أجاب الرسول للقتال ثانياً في غزوة أحد يوم الأحد بعد الواقعة التي كانت يوم السبت، وتسمى غزوة يوم الأحد غزوة حمراء الأسد، وهي التي مدحهم الله بها وانجبر خللهم بها. قوله: (بأحد) المناسب أن يقول بعد ذلك يوم السبت، واستجابوا له يوم الأحد، قوله: { مِنْهُمْ } من بيانية على حد فاجتنبوا الرجس من الأوثان.
قوله: { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ } شروع في ذكر غزوة بدر الثالثة وتسمى بدر الصغرى، وكانت في السنة الرابعة من شعبان وهو يوم موسم عظيم لقبائل العرب كل عام، فخرج أبو سفيان حتى نزل مر الظهران، فألقى الله الرعب في قلبه فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي، فقال أبو سفيان يا نعيم إني قد واعدت محمداً أن نلتقي بموسم بدر وهذا عام جدب، فأحب أن يكون الخلف منه لا مني، فاذهب إلى المدينة فثبطهم عن الخروج، ولك عندي عشرة من الإبل، فانطلق نعيم إلى المدينة فوجد النبي وأصحابه يتجهزون، فقال لهم ما تريدون فقالوا لميعاد أبو سفيان، فقال لهم لا تقدرون عليهم فإنهم قد جمعوا لكم فاخشوهم، فقال النبي لأخرجن اليهم ولو وحدي، فخرج النبي في ألف وخمسمائة مقاتل حتى بلغوا بدراً وكانت موضع سوق للعرب يجتمعون فيها كل عام ثمانية أيام، فصادفوا الموسم وباعوا ما كان معهم من التجارات، فربحوا في الدرهم درهمين ولم يأتيهم أحد من المشركين، فرجعوا بريح وأجر عظيمين، وأسلم كثير من أهل القبائل حينئذ. قوله: (أي نعيم بن مسعود) أي فأطلق الكل وأراد البعض، وقد أسلم بعد ذلك عام الخندق. قوله: (ذلك القول) أشار بذلك إلى فاعل زاد على حد (اعدلوا هو أقرب للتقوى). قوله: (هو) أي الله وهو إشارة للمخصوص بالمدح، وهذه الدعوة من أفضل الدعوات، وقد استعملها العارفون للمهمات وجعلوا عدتها أربعمائة وخمسين، فمن فعلها كفاه الله ما أهمه، قوله: (فلم يأتوا) أي أبو سفيان وأصحابه، وقد أسلم هو يوم الفتح بعد أن أسر قوله: (وربحوا) أي في الدرهم درهمين. قوله: (بسلامة وربح) راجع للنعمة والفضل. قوله: (أي لقائل لكم) أي وهو نعيم بن مسعود الأشجعي.