التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ
١٨١
ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ
١٨٢
-آل عمران

حاشية الصاوي

قوله: { لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ } اللام موطئة لقسم محذوف أي والله لقد سمع إلخ. وسبب ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمرهم بالدخول في الإسلام، وأقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن يقرضوا الله قرضاً حسناً، قال كبراء اليهود كحيي بن أخطب وكعب بن الأشرف وفنحاص بن عاذوراء، لأبي بكر الصديق حين أمرهم بما ذكر على لسان رسوله (إن الله فقير ونحن أغنياء) ولو كان غنياً ما استقرضنا، ومعنى سمعه له علمه وإحصاءه والمجازاة عليه. قوله: { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [البقرة: 245] هذا من تلطف الله بعباده وتنزله لهم، وإلا فالملك لله وحده، وإنما سماها قرضاً لأن جزاءه عليه كمجازاة المقترض أو أعظم، فمن إحسانه عليها خلق ونسب إلينا، وليس معناه أقرضوا الله لينتفع به، بل معناه أعطوا الفقراء لأجلي ومجازاتكم عليَّ. قوله: (وفي قراءة بالياء) أي فهما قراءتان سبعيتان، فعلى هذه القراءة يكون الموصول وصلته نائب الفاعل، وعلى الأولى يكون مفعولاً، والفاعل ضمير يعود على الله. قوله: (بالنصب والرفع) لف ونشر مرتب وهو معطوف على محل الموصول، وصلته محله إما نصب على قراءة النون، أو رفع على قراءة الياء. قوله: { بِغَيْرِ حَقٍّ } أي حتى في اعتقادهم. إن قلت: إن ذلك كان في أجدادهم فلم أوخذوا به؟ أجيب: بأن رضاهم به صيره كأنه واقع منهم، لأن الرضا بالكفر كفر. قوله: (أي الله) هذا تفسير لقراءة الياء، ويحتمل أنه راجع لقراءة النون ويكون حل معنى، وإلا فمقتضى حلها أن يقول أي في نحن. قوله: (عبر بها عن الإنسان إلخ) إي فهو من باب تسمية الكل باسم جزئه، وقوله: (لأن أكثر الأفعال تزاول بها) علة لارتكاب المجاز. قوله: { وَأَنَّ ٱللَّهَ } معطوف على الموصول عطف علة على معلول، التقدير ذلك العذاب بما قدمت أيديكم، لأن { ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ }. قوله: (أي بذي ظلم) دفع بذلك ما يقال إن المنفى كثرة الظلم، فيفيد أن أصل الظلم ثابت، فأجاب بأن هذه الصيغة للنسب لا للمبالغة كتمار. قال ابن مالك:

ومع فاعل وفعال فعل في نسب أغنى من اليا قبل

قوله: (نعت للذين قبله) أي وهو { قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ } فقد وصفهم بأوصاف زادتهم فبحاً وشناعة.