التفاسير

< >
عرض

مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيهُ ٱللَّهُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّـٰنِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَٰبَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ
٧٩
-آل عمران

حاشية الصاوي

قوله: { مَا كَانَ } الخ هذه الصيغة يؤتى بها للنفي العام الذي لا يجوز عقلاً ثبوته وهو المراد هنا، وكذلك قوله تعالى: { مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا } [النمل: 60] أي لا يمكن ولا يتصور عقلاً صدرو دعوى الأولوهية من نبي قط ويؤتى بها للنفي الخاص، كقول أبي بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم في الصلاة بين يدي رسول الله، أي ما ينبغي له ذلك، فقول المفسر ينبغي أي يمكن وقد فسره المحلي في سورة يس في قوله تعالى: { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ } [يس: 40] بذلك. قوله: { ثُمَّ يَقُولَ } معطوف على يؤتى، ولهذا العطف لازم يتوقف صحة المعنى عليه لأن مصب النفي المعطوف والمعطوف عليه. قوله: { لِلنَّاسِ } أي أمة محمد على الثاني، ونصارى نجران على الأول. قوله: { مِن دُونِ ٱللَّهِ } أي من غير أن يقصرهم على الله بأن يشرك نفسه مع الله في العبادة أو يفرد نفسه بالعبادة، وهذه الجملة حال من الواو في { كُونُواْ } أي حال كونكم متجاوزين الله إشراكاً أو إفراداً. قوله: { وَلَـٰكِن } استدارك على ما تقدم. قوله: (زيادة ألف ونون) أي كرقباني وشعراني ولحياني، وقوله: (تفخيماً) أي للمبالغة. قوله: { وَبِمَا كُنْتُمْ } الباء سببيه قوله: (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان، فالعلم سبب للعمل، فقبيح على العالم تركه العمل، وأقبح منه أن يرشد الناس يهديهم مع كونه غير مهتد في نفسه، قال بعضهم:

وعالم بعلمه لن يعلمن معذب من قبل عباد الوثن

فمثل العالم الذي يعلم الناس وهو غير عامل، كشمعة موقودة تضيء للناس وتحرق نفسها، وفي هذا المعنى قال بعضهم:

أتنهى الأناس ولا تنتهي متى تلحق القوم يا لكع
ويا حجر السن ما تستحي تسن الحديد ولا تقطع