التفاسير

< >
عرض

وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً
٤٢
ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً
٤٣
أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً
٤٤
-فاطر

حاشية الصاوي

قوله: { جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } الجهد بالفتح بلوغ الغاية في الاجتهاد، وأما بالضم فهو الطاقة، وإنما كان الحلف بالله غاية أيمانهم، لأنهم كانوا يخلفون بآبائهم وأصنامهم، فإذا أرادوا التأكيد والتشديد حلفوا بالله.
قوله: { لَّيَكُونُنَّ } هذه حكاية لكلامهم بالمعنى، وإلا فلفظه لنكونن إلخ. قوله: { مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ } المراد من إحدى الأحد الدائرة، فالمعنى من كل الأمم، فقول المفسر (أي أي واحدة منها) الأوضح أن يقول: أي كل واحدة منها. قوله: { مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } جواب لما، وفيه اشعار بأن فيهم أصل النفور، لكونهم جاهلية لم يأتهم نذير من عهد إسماعيل. قوله: (مفعول له) أي لأجل الاستكبار، وصح أن يكون بدلاً من نفوراً، أو حالاً من ضمير زادهم، أي حال كونهم مستكبرين. قوله: قوله: (ووصف المكر بالسيئ) أي في قوله: { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ } وقوله: (أصل) أي جاء على الأصل من استعمال الصفة تابعة للموصوف. قوله: (وإضافته إليه قبل) أي في قوله: { وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ }. قوله: (استعمال آخر) أي جاء على خلاف الأصل حيث أضيف فيه الموصوف للصفة. قوله: (قدر فيه مضاف) أي مضاف إليه، وقوله: (حذراً من الإضافة إلى الصفة) أي من اضافة المكر، الذي هو الموصوف إلى السيئ، الذي هو الصفة، فيجعل المكر مضافاً لمحذوف، والسيئ صفة لذلك المحذوف، وتلك الإضافة من اضافة العام للخاص، لأن المكر يشمل الاعتقاد والعمل، فإضافته للعمل تخصيص له.
قوله: { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ } إلا فلا ينتظرون إلا تعذيبهم كمن قبلها. قوله: (سنة الله فيهم) أشار بذلك إلى أن قوله: { سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ } مصدر مضاف لمفعوله، وسيأتي اضافته لفاعله في قوله: { لِسُنَّتِ ٱللَّهِ }. قوله: { فَلَن تَجِدَ } الفاء للتعليل كأنه قيل: لا ينتظرون إلا تعذيبهم كمن قبلهم، لأنك أيها العاقل لن تجد إلخ. قوله: (أي لا يبدل بالعذاب غيره ولا يحول إلى غير مستحقه) أشار بذلك إلى أن المراد بالتبديل، تغيير العذاب يغيره، والتحويل نقله لغير مستحقه، وجمع بينهما للتهديد والتقريع. قوله: { أَوَلَمْ يَسِيرُواْ } الهمزة داخلة على محذوف، والتقدير أتركوا السفر ولم يسيروا، وهو استشهاد على أن سنة الله لا تبديل لها ولا تحويل، والاستفهام إنكاري بمعنى النفي، ونفي النفي إثبات. والمعنى: بل ساروا في الأرض، ومروا على ديار قوم صالح، وقوم لزط، وقوم شعيب وغيرهم، فنظرو آثار ديارهم. قوله: { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي على حالة كانت، ليعلموا أنهم ما أخذوا إلا بتكذيب رسلهم، فيخافوا أن يفعل بهم مثل ذلك. قوله: { وَكَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } أي أطول أعماراً، والجملة حالية أو معطوفة على قوله: { مِن قَبْلِهِمْ }.
قوله: { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ } إلخ، تقرير لما فهم من استئصال الأمم السابقة. قوله: { إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً } تعليل لما قبله.