التفاسير

< >
عرض

وَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ
٤١
تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ
٤٢
لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ
٤٣
فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
٤٤
فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ
٤٥
-غافر

حاشية الصاوي

قوله: { وَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ } الخ، أتى بالواو في النداء الأول والثالث، لأن كلام مستقل مستأنف، وتركها من الثاني لأنه من تعلقات الكلام الأول، والعطف يقتضي المغايرة، وقوله: { مَا لِيۤ } أي أي شيء ثبت لي، فما مبتدأ، والجار والمجرور خبر عنه، وقوله: { أَدْعُوكُـمْ } حال، والاستفهام للتعجب، ومحط العجب هو قوله: { وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ } كأنه قال: أعجب من هذه الحال، أدعوكم إلى النجاة والخير، وتدعونني إلى النار والشر. قوله: { تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ } الخ، هذا بدل من قوله: { تَدْعُونَنِي } الأول، بدل مفصل من مجمل. قوله: { مَا لَيْسَ لِي بِهِ } أي بوجوده، والمراد نفي المعلوم من أصله. قوله: { وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ } راجع لقوله: { أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ }. قوله: { إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ } أي إلى عبادته، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه.
قوله: { لاَ جَرَمَ } { لاَ } نافية، و { جَرَمَ } فعل ماض بمعنى حق، وقوله: { أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ } فاعله، والمعنى حق ووجب عدم استجابة آلهتكم. قوله: (حقاً) مفعول لمحذوف دل عليه { لاَ جَرَمَ } والمعنى حق ما تدعونني إليه حقاً، وهي كلمة في الأصل بمنزلة لا بد، ثم تحولت إلى معنى القسم. قوله: { أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ } ما اسم موصول، فحقها أن تفصل من النون، وإنما وصلت بها تبعاً للمصحف. قوله: (أي استجابة دعوة) أي لا شفاعة لها دنيا ولا أخرى، وقيل: المعنى ليست له دعوة إلى عبادته، لأن الأصنام لا تدعي الربوبية، ولا تدعو إلى عبادة نفسها، وفي الآخرة تتبرأ من عبادها. قوله: { مَآ أَقُولُ لَكُـمْ } أي من النصيحة. قوله: (توعدوه) أي ففر هارباً إلى جبل، فأرسل فرعون خلفه ألفاً ليقتلوه، فوجدوه يصلي والوحوش صفوف حوله، فأكلت السباع بعضهم، ورجع بعضهم هارباً، فقتله فرعون.
قوله: { فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ } أي شدائد مكرهم، وقد نجى الله تعالى ذلك الرجل مع موسى من الغرق أيضاً. قوله: (قومه معه) أي ولم يصرح به، لأنه أولى منهم بذلك.