التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
٣١
وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلْجَوَارِ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ
٣٢
إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
٣٣
أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ
٣٤
-الشورى

حاشية الصاوي

قوله: { بِمُعْجِزِينَ } (الله) أي فارين من عذابه.
قوله: { وَمِنْ آيَاتِهِ } أي أدلة توحيده وعجائب قدرته. قوله: { ٱلْجَوَارِ } بحذف الياء خطأ، لأنها من ياءات الزوائد، واثباتها في اللفظ وصلاً ووقفاً، وحذفها كذلك أربع قراءات سبعيات. قوله: (السفن) استشكل بأن الظاهر الآية، يوهم حذف الموصوف وإبقاء صفته، مع أن الجري ليس من الصفات الخاصة بالموصوف وهو (السفن) وحينئذ فلا يجوز حذفه لعدم علمه. قال ابن مالك:

وما من المنعوت والنعت عقل يجوز حذفه وفي النعت يقل

أجيب: بأن محل الإمتناع، إذا لم تجر الصفة مجرى الجوامد، بأن تغلب عليها الاسمية، كالأبطح والأبرق والأجرع، وإلا جاز حذف الموصوف، ولذلك فسر { ٱلْجَوَارِ } بالسفن، ولم يقل أي السفن، ولم يقل أي السفن الجارية. قوله: { فَيَظْلَلْنَ } بفتح اللام وفي قراءة العامة، من ظلل بكسرها كعلم، وقرئ شذوذاً فيظللن بكسر اللام من ظل بفتحها كضرب. قوله: (أي يصرن) أشار بذلك إلى أن المراد من ظل الصيرورة في ليل ونهار، وليس المراد معناها، وهو اتصاف المخبر عنه بالخبر نهاراً. قوله: { رَوَاكِدَ } جمع راكد، يقال: ركد الماء ركوداً، من باب قعد سكن، ويوصف به الريح والسفينة وكل شيء سكن بعد تحركه. قوله: { لِّكُلِّ صَبَّارٍ } أي كثير الصبر على البلايا، عظيم الشكر على العطايا. قوله: (عطف على يسكن) أي فالمعنى: إن يشأ يسكن الريح فيركدن، أو يعصفها فيغرقن، ولا مفهوم له، بل قد يغرقها الله بسبب آخر، كقلع لوح أو غير ذلك. قوله: (بعصف الريح بأهلهن) أي اشتدادها، وإنما قيد به، وإن كانت أسباب الغرق كثيرة، نظراً للشأن والغالب. قوله: (أي اهلهن) تفسير للواو في { كَسَبُوا } العائد على أهل السفن المعلوم من السياق.
قوله: { وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } قرأ العامة بالجزم، عطفاً على جواب الشرط، واستشكل بأنه يلزم عليه دخول العفو في حيز المشيئة، مع أنه إخبار عن العفو، من غير شرط المشيئة، وأجيب: بأن الجزم من حيث الصورة الظاهرية، لا من حيث المعنى، وقرئ شذوذاً ويعفو بالرفع والنصب، أما قراءة الرفع فهي محتملة لوجهين: الأول الاستئناف، الثاني الجزم، وزيدت الواو للإشباع، كزيادتها في من يتقي ويصبر، وأما قراءة النصب، فهي على إضمار أن بعد الواو، وقال ابن مالك:
والفعل من بعد الجزا إن يقترن بالفا أو الواو بتثليث قمن
وهذا نظير ما في قوله تعالى:
{ { فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ } [البقرة: 284]. قوله: (منها) أي الذنوب أو السفن. قوله: (بالرفع مستأنف) أي وهو يعلم، وقوله: (وبالنصب) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (لينتقم منهم) أي بالغرق، وهو تعليل للإغراق.