التفاسير

< >
عرض

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ
٧
وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
٨
-الشورى

حاشية الصاوي

قوله: { وَكَذَلِكَ } يصح أن يكون مفعولاً مطلقاً لأوحينا، و { قُرْآناً } مفعول به، والتقدير: وأوحينا إليك قرآناً عربياً إيحاء كذلك، واسم الإشارة عائد على الإيحاء المتقدم في قوله: { { كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ } [الشورى: 3] إلخ، ويصح أن يكون مفعولاً به، و { قُرْآناً } حال، والتقدير: وأوحينا إليك ذلك الإيحاء، حال كونه قرآناً عربياً. قوله: { وَمَنْ حَوْلَهَا } سميت بذلك لأنها أول بلد خلقها الله وشرفها، ولذا بعث لها أًل الخلق وأشرفهم، بل وأهل السماء، وإنما اقتصر على الإنذار، وإن كان مبعوثاً بالبشارة أيضاً، لأنه في ذلك الوقت لم يكن محل للبشرى، لأن الخلق في ذلك الوقت كفار.
قوله: { يَوْمَ ٱلْجَمْعِ } هو المفعول الثاني، والأول محذوف قدره المفسر بقوله: (الناس) عكس الفعل الأول، فإنه قد ذكر المفعول الأول، وحذف الثاني تقديره العذاب، ففي الآية احتباك، حيث حذف من كل نظير ما أثبته في الآخر. قوله: { لاَ رَيْبَ فِيهِ } حال من { يَوْمَ ٱلْجَمْعِ } قوله: { فَرِيقٌ } إما مبتدأ خبره محذوف تقديره منهم، أو خبر لمبتدأ محذوف أي هم. قوله: { فِي ٱلْجَنَّةِ } المراد بها دار الثواب، فنعم جمع الجنان، وقوله: { وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } المراد به دار العذاب بجميع طباقها، فالجنة لمن لم يتصف بالكفر من الثقلين إنساً وجناً، والنار لمن اتصف بالكفر من المكلفين إنساً وجناً.
قوله: { لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ } مفعول { شَآءَ } محذوف تقديره جعلهم أمة واحدة، والمعنى: أن الأمر كله لله، فلا يسأل عما يفعل لحكمة سبقت، بأن خلق الجنة وخلق لها أهلاً، وخلق ناراً وخلق لها أهلاً. قوله: (وهو الإسلام) أي أو الكفر. قوله: { وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } أي بفضله وإحسانه، وهم فريق الجنة. قوله: { وَٱلظَّالِمُونَ } أي وهم فريق النار، وهو مقابل قوله: { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } كان مقتضى الظاهر أن يقتل: ويدخل من يشاء في غضبه، وعدل عنه إلى ما ذكر، إشارة إلى دفع توهم، أن لهم شفيعاً ونصيراً في الآخرة، وأما دخولهم في الغضب، فأمر معلوم لا يحتاج للنص عليه. قوله: (الكافرون) تفسير للظالمون) فالمراد بالظلم الكفر، وأما الظالمون بمعنى العاصين بغير الكفر، فلهم نصير يدفع عنهم العذاب، لما في الحديث:
"شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" . قوله: (والهمزة للإنكار) هذا أحد أوجه في (أَمْ) المنقطعة، وهو أنها تقدر ببل والهمزة، ويصح تقديرها ببل وحدها، أو الهمزة وحدها. قوله: (أي ليس المتخذون أولياء) أي فالنفي منصب على المفعول الثاني.