التفاسير

< >
عرض

وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ
٣٥
وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ
٣٦
وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ
٣٧
-الزخرف

حاشية الصاوي

قوله: { وَزُخْرُفاً } ذهباً، وقيل الزخرف الزينة. قوله: (مخففة من الثقيلة) أي مهملة لوجود اللام في خبرها. قوله: { وَٱلآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } أي إن الجنة تكون لكل موحد، قال كعب: وجدت في بعض كتب الله المنزلة: لولا أن يحزن عبدي المؤمن، لكللت رأس عبدي الكافر بالإكليل، ولا يتصدع ولا ينبض منه عرق لوجع، أي لا يتحرك، وفي الحديث: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" . وورد: "لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة، ما سقى الكافر منها شربة ماء" قال البقاعي: ولا يبعد أن يكون ما صار إليه الفسقة والجبابرة، من زخرفة الأبنية، وتذهيب السقوف وغيرها. من مبادئ الفتنة، بأن يكون الناس أمة واحدة في الكفر قرب الساعة، حتى لا تقوم الساعة على من يقول الله أو في زمن الدجال، لأن من يبقى إذ ذاك على الحق في غاية القلة، بحيث إنه لا عداد له في جانب الكفرة، لأن كلام الملوك لا يخلو عن حقيقة، وإن خرج مخرج الشرط، فكيف يملك الملوك سبحانه ا. هـ.
قوله: { وَمَن يَعْشُ } من العشاء وهو الإعراض والتغافل، ويطلق على ضعف البصر، وفعله عشا يعشو، كدعا يدعو. قوله: (يعرض) أي يتعامل ويتغافل، وهذه الآية بمعنى قوله تعالى:
{ { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } [طه: 124]. قوله: { عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } أضاف الذكر إلى هذا الاسم إشارة إلى أن الكافر بإعراضه عن القرآن، سد على نفسه باب الرحمة، ولو اتبعه لعمته الرحمة. قوله: { نُقَيِّضْ } جواب الشرط، وفعله قوله: { يَعْشُ } مجزوم بحذف الواو، والضمة دليل عليها. قوله: { فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } أي في الدنيا، بأن يمنعه من الحلال، ويحمله على فعل الحرام، وينهاه عن الطاعة، ويأمره بالمعصية، أو في الآخرة إذا قام من قبره، لما ورد: إذا مقام من قبره، شفع بشيطان لا يزال معه حتى يدخله النار، وإن المؤمن ليشفع بملك حتى يقضي الله بين خلقه، والأولى العموم.
قوله: { وَإِنَّهُمْ } جمع الضمير مراعاة لمعنى شيطان، كما أفرد أولاً في قوله: { فَهُوَ } مراعاة للفظه. قوله: { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } الجملة حالية، أي يعتقدون أنهم على هدى، وهو بمعنى قوله تعالى:
{ { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ } [المجادلة: 18]. قوله: (في الجمع) أي في المواضع الثلاثة الأول، أي ليصدونهم ويحسبون أنهم، وقوله: (رعاية معنى من) أي بعد أن روعي لفظها في ثلاثة أيضاً: الضمير المستتر في { يَعْشُ } والضميران المجروران باللام في نقيض له { فَهُوَ لَهُ } وسيأتي مراعاة لفظها في موضعين المستتر في { جَاءَ } و { قَالَ } ثم مراعاة معناها في ثلاث مواضع { { وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ } [الزخرف: 39].