التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّهُ فِيۤ أُمِّ ٱلْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ
٤
أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ
٥
وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي ٱلأَوَّلِينَ
٦
وَمَا يَأْتِيهِم مِّنْ نَّبِيٍّ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٧
فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ
٨
-الزخرف

حاشية الصاوي

قوله: { وَإِنَّهُ } (مثبت) إلخ، أشار بذلك إلى أن الجار والمجرور خبر إن، ولعل خبر ثان، واعتراض بأنه يلزم عليه تقديم الخبر الغير المقرون باللام على المقرون بها، وفي جوازه خلاف، فالأحسن أن الجار والمجرور متعلق بعليّ، ولا يقال إن لام الابتداء لها صدر الكلام، لأنه يقال محل ذلك في غير باب إن كما قال ابن هشام في مغنيه، لأنها في مؤخرة من تقديم، ولهذا تسمى المزحلقة. قوله: (بدل) أي من الجار والمجرور، وقوله: (عندنا) تفسير للدنيا. قوله: { لَعَلِيٌّ } أي رفيع الشأن على غيره من الكتب. قوله: { أَفَنَضْرِبُ } الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة عليه تقديره أنهملكم فنضرب إلخ، والاستفهام انكاري بدليل قول المفسر في آخر العبارة (لا) والمعنى: لا نهملكم برفع الوحي ومنع إنزال القرآن، وتعجل الهلاك من أجل كونكم قوماً مسرفين، بل نتم نورنا بتمام الإنزال لعبدنا، { { فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } } [الفتح: 10]. قوله: (نمسك) أي عن إنزاله لكم. قوله: { صَفْحاً } أشار المفسر إلى أنه مفعول مطلق ملاق لعامله، وهو نضرب، في المعنى. قوله: (فلا تؤمرون ولا تنهون) أي بل تصيرون كالبهائم. قوله: { أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ } بكسر الهمزة على أنها شرطية، وفتحها على أنها تعليلية، قراءتان سبعيتان، لكن يرد على القراءة الأولى أن { إِنَّ } تفيد الشك، مع أن إسرافهم محقق، ويجاب: بأنه يؤتى بها في مقام التحقق قصداً لتجهيل المخاطب، بجعله متردد في قبوت الشرط شاك فيه.
قوله: { وَكَمْ أَرْسَلْنَا } { كَمْ } خبرية بمعنى عدداً كثيراً، مفعول مقدم لأرسلنا، و { مِن نَّبِيٍّ } تمييز لها، و { فِي ٱلأَوَّلِينَ } متعلق بأرسلنا أي في الأمم الأولين. قوله: (أتاهم) أشار بذلك إلى أن المضارع بمعنى الماضي، وعبر عنه بالمضارع استحضاراً للصورة العجيبة. قوله: { مِن نَّبِيٍّ } أي رسول بدليل قوله: { أَرْسَلْنَا } والمعنى تسل يا محمد ولا تحزن، فإنه وقع للرسل قبلك ما وقع لك. قوله: { أَشَدَّ مِنْهُم } صفة لموصوف محذوف مفعول لأهلكنا. قوله: { بَطْشاً } تمييز أي أهلكنا قوماً أشد من قومك من جهة البطش، وهو شدة الأخذ. قوله: (سبق في الآيات) أي في القرآن غير مرة قوله: (صفتهم في الهلاك) وإنما سمي مثلاً لغرابته، فإن المثل في الأصل كلام شبه مضربه بمورده لغرابته. قوله: (وعاقبة قومك كذلك) أي الهلاك، فاصبر على أذى قومك، كما صبر من قبلك من الرسل على أذى قومهم، وفي هذه الآيات تعليم للأمة، أن يصبروا على من آذاهم، لينالوا العز الأكبر تأسياً بنبيهم. قوله: (لام قسم) أي وقوله: { لَيَقُولُنَّ } جوابه، وجواب الشرط محذوف، لدلالة جواب القسم عليه، وهذا على القاعدة في اجتماع الشرط والقسم من حذف جواب المتأخر. قوله: (حذف منه نون الرفع) أي لتوالي النونات، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين، ووجود الدليل عليها وهو الضمة.