التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
١٧
أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ
١٨
-الأحقاف

حاشية الصاوي

قوله: { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ } الخ، اسم الموصول معمول لمحذوف تقديره: اذكر يا محمد لقومك الشخص الذي قال لوالديه الخ، ويحتمل أنه مبتدأ خبره قوله: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } الخ، والمراد منه الجنس لا شخص معين، ولذا أخبر عنه بالجمع مراعاى لمعناه، فهي واردة في كل شخص كافر عاق لوالديه المسلمين، وهذا هو الصحيح، خلافاً لمن شذ وقال: إن هذه الآية نزلت في حق عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قبل إسلامه، فإنه كان من أفاضل الصحابة وخيارهم، وقد كذبت الصديقة من قال ذلك، ويرده أيضاً قوله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } الخ. قوله: (وفي قراءة بالادغام) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (بكسر الفاء) أي مع التنوين وتركه، قوله: (وفتحها) أي من غير تنوين، فالقراءات ثلاث سبعيات، وهو مصدر أف يؤف أفاً، بمعنى نتناً وقبحاً، أو هو اسم صوت يدل على تضجر، أو اسم فعل اتضجر، أو اسم فعل أتضجر، والمفسر أشار لاثنين منها بقوله: (بمعنى مصدر) وبقوله: (أتضجر منكما). قوله: (أي نتناً) النتن القذارة والرائحة الكريهة، وهو كناية عن عدم الرضا بفعلهما والتضجر منهما. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً.
قوله: { أَنْ أُخْرَجَ } هذا هو الموعود به، والباء محذوفة أي بأن أخرج، وحذف الجار مع أن مطرد. قوله: { وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي } الجملة حالية. قوله: (ولم تخرج من القبور) أي زعماً منه أن الخروج من القبور لو كان صدقاً، لحصل قبل انقضاء الدنيا. قوله: { وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ } اعلم أن مادة الاستغاثة تتعدى بنفسها تارة، وبالباء أخرى، لكن لم ترد في القرآن إلا متعدية بنفسها. قال تعالى:
{ { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ } [الأنفال: 9] { { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ } [الكهف: 29] { { فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ } [القصص: 15]. قوله: (يسألانه الغيث) أي اغاثة ذلك الولد بتوفقيه للإسلام. قوله: { وَيْلَكَ } معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله: (ويقولون) الخ، وذلك المحذوف حال من فاعل يستغيثان. والمعنى: يستغيثان الله حال كونهما قائلين { وَيْلَكَ } فهو فعل أمر. قوله: { آمِنْ } أي صدق واعترف.
قوله: { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } جملة مستأنفة أو تعليل لما قبلها. قوله: (أكاذيبهم) أي اخترعوها من غير أن يكون لها أصل. قوله: { فِيۤ أُمَمٍ } حال من ضمير { عَلَيْهِمُ }، والمعنى ثبت عليهم القول في عداد أمم، الخ. قوله: { إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } أي كافرين ابتداء وانتهاء.