التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءْيَا بِٱلْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً
٢٧
هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً
٢٨
-الفتح

حاشية الصاوي

قوله: { لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءْيَا } أي رؤياه صادقة محققة، لم يدخلها الشيطان، لأنه معصوم منه هو وجميع الأنبياء، وتأخيرها لا ينافي كونها حقاً وصدقاً، نظير رؤيا يوسف الصديق، أن أحد عشر كوكباً والشمس والقمر ساجدون له، فتأخرت الزمن الطويل، وبعد ذلك تحققت. قوله: (وراب بعض المنافقين) أي ارتاب، حيث قال عبد الله بن أبي وعبد الله بن نفيل ورفاعة بن الحرث: والله ما حلقنا ولا قصرنا، ولا رأينا المسجد الحرام. قوله: (أو حال من الرؤيا) أي فهو متعلق بمحذوف، والتقدير ملتبسة بالحق، ويصح أن يكون { بِٱلْحَقِّ } قسماً وجوابه قوله: { لَتَدْخُلُنَّ } الخ، وعليه فالوقف على قوله: { ٱلْحَقِّ } وقوله: { لَتَدْخُلُنَّ } اللام موطئة لقسم محذوف. قوله: (للتبرك) أي مع تعليم العباد الأدب، وتفويض الأمر إليه، وهو جواب عما يقال: إن الله تعالى خالق للأشياء كلها، وهو عالم بها قبل وقوعها، فكيف وقع منه التعليق بالمشيئة، مع أن التعليق إنما يكون من المخبر المتردد، أو الشاك في وقوع المعلق، والله منزه عن ذلك؟ فأجاب: بأن المقصود التبرك لا التعليق، ويجاب أيضاً: بأن المشيئة باعتبار جميع الجيش، فإن الذين حضروا عمرة القضاء كانوا سبعمائة، وأما باعتبار المجموع، فالقضاء مبرم لا تعليق فيه، ويجاب أيضاً: بأنه حكاية عن كلام الملك المبلغ للرسول كلام الله، أو حكاية عن كلام الرسول عليه السلام.
قوله: { آمِنِينَ } حال مقارنة للدخول، والجملة شرطية معترضة. قوله: (مقدرتان) دفع بذلك ما قد يقال: إن حال الدخول هو حال الإحرام، وهو لا يتأتى معه حلق ولا تقصير. قوله: { لاَ تَخَافُونَ } (أبداً) أشار بذلك إلى أنه غير مكرر مع قوله: { آمِنِينَ } والمعنى: آمنون في حال الدخول، وحال المكث، وحال الخروج، وقد كان عند أهل مكة، أنه يحرم قتال من أحرم ومن دخل المحرم، فأفاد أنه يبقى أمنهم بعد خروجهم من الإحرام، قوله: (من الصلاح) أي وهو حفظ دماء المسلمين المستضعفين. قوله: { مِن دُونِ ذَلِكَ } أي قبله. قوله: (هو فتح خيبر) وقيل هو صلح الحديبية، وقيل هو صلح الحديبية، وقيل هو فتح مكة.
قوله: { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ } تأكيد لتصديق الله رؤياه، والمعنى: حيث جعله رسولاً، فلا يريه خلاف الحق. قوله: { بِٱلْهُدَىٰ } أي القرآن أو المعجزات. قوله: { لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } أي ليعليه على جميع الأديان، فينسخ ما كان حقاً، ويظهر فساد ما كان باطلا. قوله (بما ذكر) أي { بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ }.