التفاسير

< >
عرض

وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً
٦
وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً
٧
إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً
٨
لِّتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً
٩
-الفتح

حاشية الصاوي

قوله: { وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ } قدمهم على المشركين، لأنهم أشد ضرراً من الكفار المتجاهرين، وذلك لأن المؤمن كان يتوقى المجاهر، ويخالط المنافق، لظنه إيمانه. قوله: { ظَنَّ ٱلسَّوْءِ } إما من إضافة الموصوف لصفته على مذهب الكوفيين، أو أن { ٱلسَّوْءِ } صفة لموصوف محذوف، أي ظن الأمر السوء فحذف المضاف إليه، وأقيمت صفته مقامه. قوله: (بفتح السين وضمها) أي فالفتح الذم، والضم العذاب، والهزيمة والشر. قوله: (في المواضع الثلاثة) أي هذين والثالث قوله فيما يأتي { { وَظَنَنتُمْ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ } [الفتح: 12] وهو سبق قلم، والصواب أن يقول: في الموضع الثاني، وأما الأول والثالث فليس فيهما إلا الفتح بإتفاق السبعة.
قوله: { عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ } إما إخبار عن وقوعه بهم وأدعاء عليهم، كأن الله يقول: سلوني بقلوبكم { عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ } والدائرة عبارة عن الخط المحيط بالمركز، ثم استعملت في الحادثة المحيطة بمن وقعت عليه، والجامع الإحاطة في كل. قوله: { وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } عطف على قوله: { عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ }. قوله: { وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } الخ، ذكر هذه الآية أولاً في معرض الخلق والتدبير، فذيلها بقوله:
{ { عَلِيماً حَكِيماً } [الفتح: 4] وذكرها ثانياً في معرض الانتقام فذيلها بقوله: { عَزِيزاً حَكِيماً } فلا تكرار. قوله: (أي لم يزل) الخ، أشار بذلك إلى أن { كَانَ } في أوصاف الله معناها الاستمرار.
قوله: { إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ } الخ، امتنان منه تعالى عليه السلام حيث شرفه بالرسالة، وبعثه إلى كافة الخلق، شاهداً على أعمال أمته. قوله: { شَٰهِداً } (على أمتك) أي بالطاعة والعصيان. قوله: { لِّتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ } متعلق بـ { أَرْسَلْنَٰكَ }. قوله: (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (وقرئ) أي شذوذاً. قوله: (وضميرهما لله) الخ، أي فهما احتمالان، أي فإذا أردت الجري على وتيرة واحدة، جعلتها كأنها عائدة على الله تعالى، وأما قوله: { وَتُسَبِّحُوهُ } فهو عائد على الله قولاً واحداً، ويؤخذ من هذه الآية، أن من اقتصر على تعظيم الله وحده، أو على تعظيم الرسول وحده، فليس بمؤمن، بل المؤمن من جمع بين تعظيم الله تعالى، وتعظيم رسوله، ولكن التعظيم في كل بحبسه، فتعظيم الله تنزيهه عن صفات الحوادث، ووصفه بالكمالات، وتعظيم رسوله اعتقاد أنه رسول الله حقاً وصدقاً لكافة الخلق، بشيراً ونذيراً، إلى غير ذلك من أوصافه السنية وشمائله المرضية.