التفاسير

< >
عرض

بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ
٢
أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ
٣
قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ
٤
بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِيۤ أَمْرٍ مَّرِيجٍ
٥
أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ
٦
وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
٧
تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ
٨

حاشية الصاوي

قوله: { بَلْ عَجِبُوۤاْ } اضراب عن جواب القسم المحذوف، لبيان أحوالهم الشنيعة، والعجب استعظام أمر خفي سببه، وهذا بالنسبة لعقولهم القاصرة حيث قالوا { { لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [الزخرف: 31]. قوله: { فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ } حكاية لبعض تعجبهم وأقاويلهم الباطلة. قوله: { ٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } أي يتعجب منه، لأنه خارج عن طور عقولنا. قوله: { أَءِذَا مِتْنَا } معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله: (نرجع). قوله: (وإدخال ألف بينهما) أي وتركه فالقراءات أربع سبعيات لا اثنتان كما توهمه عبارته. قوله: { بَعِيدٌ } أي عن العادة.
قوله: { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ } رد لاستبعادهم وتعجبهم. قوله: { وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } الجملة حالية، والكلام على تشبيه علمه بتفاصيل الأشياء، بعلم من عنده كتاب حاوٍ محفوظ يطلع عليه. قوله: (هو اللوح المحفوظ) أي وهو من درة بيضاء، مستقرة على الهواء، فوق السماء السابعة، طوله ما بين السماء والأرض، وعرضه ما بين المشرق والمغرب. قوله: (فيه جميع الأشياء) يحتمل أن الجار والمجرور متعلق بالمحفوظ و (جميع) نائب فاعل متعلق به، ويحتمل أنه خبر مقدم و (جميع) مبتدأ مؤخر. قوله: { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ } انتقال من شناعتهم إلى ما هو أشنع، وهو تكذيبهم للنبوة الثابتة بالمعجزات الظاهرة. قوله: { مَّرِيجٍ } (مضطرب) أي مختلط يقال: مرج الأمر، ومرج الدين اختلط.
قوله: { أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ } الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة عليه، والتقدير: أغفلوا وعموا فلم ينظروا إلى السماء، الخ. قوله: (كائنة) { فَوْقَهُمْ } أشار به إلى أن { فَوْقَهُمْ } حال من { ٱلسَّمَآءِ }. قوله: { كَيْفَ بَنَيْنَاهَا } { كَيْفَ } مفعول مقدم، وجملة { بَنَيْنَاهَا } بدل من { ٱلسَّمَآءِ }. قوله: { وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } الجملة حالية. قوله: (معطوف على موضع السماء) أي المنصوب بينتظروا. قوله: (بيهج به) أي يسر، وفيه إشارة إلى أن فعيل بمعنى فاعل، أي يحصل السرور به. قوله: (مفعول له) أي لأجله، ويصح أن يكونا منصوبين على المصدرية، والتقدير: بصرناهم تبصرة، وذكرناهم تذكرة. قوله: (تبصيراً منا) أي تعليماً وتفهيماً، والتبصرة والتذكرة إما عائدان على كل من { ٱلسَّمَآءِ } و { وَٱلأَرْضَ } والمعنى خلقنا السماوات تبصرة وذكرى، والأرض تبصرة وذكرى، ويحتمل أنه لف ونشر مرتب، فالسماء تبصرة، والأرض تذكرة، والفرق بينهما أن التبصرة تكون فيما آياته مستمرة، والتذكرة فيما آياته متجددة. قوله: (رجاع إلى طاعتنا) أي ذا رجوع وإقبال عليه، فالصيغة للنسبة لا للمبالغة.