التفاسير

< >
عرض

ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٦
إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ
١٧
فَاكِهِينَ بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ
١٨
كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٩
مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ
٢٠
-الطور

حاشية الصاوي

قوله: { ٱصْلَوْهَا } أي ذوقوا حرارتها. قوله: (صبركم وجزعكم) { سَوَآءٌ } أشار بذلك إلى أن { سَوَآءٌ } خبر لمحذوف، ويصح أن يكون مبتدأ خبره محذوف، والتقدير سواء الصبر والجزع، والأول أولى، لأن جعل النكرة خبراً أولى من جعلها مبتدأ. قوله: (لأن صبركم لا ينفعكم) أي لا ينزعكم من ديوان الرحمة، بخلاف الدنيا، فإن الصبر فيها على المكاره، من أعظم موجبات الرحمة. قوله: { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } تعليل لاستواء الصبر وعدمه. قوله: (أي جزاءه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف.
قوله: { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ } الخ، مقابل قوله:
{ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } [الطور: 11] إنما أتى بأوصاف المتقين عقب أوصاف المكذبين، ليحصل الترغيب والترهيب، كما هو عادته سبحانه وتعالى. قوله: { وَنَعِيمٍ } أي تنعم بتلك الجنات، إذ لا يلزم من كونه في جنات أنه يتنعم بها، فأفاد أنهم مع كونهم في جنات يتنعمون ويتفكهون بها. قوله: { فَاكِهِينَ } العامة على قراءته بالألف، أي ذوي فاكهة كثيرة، كما يقال لابن وتامر، أي ذو لبن وذو تمر، وقرئ شذوذاً فكهين بغير ألف، أي متنعمين متلذذين، إذا علمت ذلك، فالمناسب للمفسر تفسيره بذوي فاكهة لا بمتلذذين. قوله: (أي بإتيانهم ووقايتهم) إنما جعلها مصدرية في المعطوف والمعطوف عليه، لما يلزم عليه من خلو الصلة في المعطوف عن العائد لو جعلت موصولة، والأحسن أن تجعل موصولة، ويجعل قوله: { وَقَاهُمْ } معطوفاً على قوله: { فِي جَنَّاتٍ }.
قوله: { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ما مصدرية والباء سببية. والمعنى: أن الملائكة تقول لأهل الجنة: كلوا واشربوا متهنئين بسبب عملكم، وهذا من مزيد السرور والتكرمة، على حسب عادة الكرام في منازلهم، وإلا فذلك من فضل الله وإحسانه. قوله: { عَلَىٰ سُرُرٍ } جمع سرير، قال ابن عباس: هي سرر من ذهب، مكللة بالدر والزبرجد والياقوت، والسرير كما بين مكة وأيلة، وورد أن ارتفاع السرر خمسمائة عام، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها قربت منه، فإذا جلس عليها عادت إلى حالها، وفي الكلام حذف تقديره على نمارق على سرر. قوله: (أي قرناهم) أي جعلناهم مقارنين لهن، وفي ذلك إشارة إلى جواب سؤال مقدر تقديره: إن الحور العين في الجنات مملوكات بملك اليمين لا بعقد النكاح، فأجاب: بأن التزويج ليس بمعنى عقد النكاح، بل بمعنى المقاربة. قوله: (عظام الأعين) تفسير لعين جمع عيناء، وأما الحور فهو من الحور، وهو شدة البياض.