التفاسير

< >
عرض

أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَـٰذَآ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ
٣٢
أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ
٣٣
فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ
٣٤
أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ
٣٥
أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ
٣٦
أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ
٣٧
أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٣٨
-الطور

حاشية الصاوي

قوله: { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ } جمع حلم، يطلق على الأناة وعلى العقل، وهو المراد هنا. قوله: (أي قولهم له ساحر كاهن شاعر مجنون) أي وهذا تناقض، فإن شأن الكاهن أن يكون ذا فطنة ورأي، وشأن الشاعر والساحر كذلك، ونسبتهم الجنون له بعد ذلك مناقضة. قوله: (أي لا تأمرهم) أشار بذلك إلى أن الاستفهام المستفاد من { أَمْ } إنكاري، وفيه توبيخ إيضاً.
قوله: { أَمْ } (بل) { هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } المناسب للمفسر أن يقدر { أَمْ } ببل والهمزة، ليوافق قوله فيما يأتي، والاستفهام بأم في مواضعها الخ، والمعنى: لا ينبغي منهم هذا الطغيان. قوله: (لم يختلقه) أشار به إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله: { فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ } جواب شرط مقدر قدره المفسر بقوله: (فإن قالوا اختلقه) والأمر للتعجيز. (ولا يعقل مخلوق بدون خالق) راجع لقوله: { خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ } وقوله: (ولا معدوم يخلق) راجع لقوله: { أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ } والمعنى: أنهم لو كانوا هم الخالقين لأنفسهم، وأنفسهم كانت معدومة أولاً، لزم أن يكونوا في حالة العدم، وجدوا أنفسهم أو أخرجوها من العدم، فيكون المعدوم خالقاً، وهذا لا يعقل. قوله: (وإلا لآمنوا بنبيه) أي فحيث لم يترتب على إيقافهم بالله، إقبال على توحيد وتصديق نبيه، جعل إيقانهم كالعدم، وفيه تسلية له صلى الله عليه وسلم.
قوله: { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ } لم يبين أن الاستفهام إنكاري، مع أنه كذلك. والمعنى: ليس عندهم خزائن ربك، والمراد بخزائنه مقدوراته، شبهت بها لأن خزائنه الملوك بيت مهيؤ لجمع أنواع مختلفة من الذخائر التي يحتاج إليها. قوله: { أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } اعلم أنه لم يأت على وزن مفيعل إلا خمسة ألفاظ، أربعة صفة اسم فاعل: مهيمن ومبيقر ومبيطر ومسيطر، وواحد اسم جبل وهو محيمر. قوله: (المتسلطون) أي الغالبون على الأشياء، يدبرونها كيف شاؤوا. قوله: (ومثله بيطر) أي عالج الدواب ومنه البيطار، وقوله: (وبيقر) أي أفسد وأهلك، فالحاصل أن معنى المهيمن الرقيب والمبيقر المفسد، والمسيطر المتسلط الجبار، والمبيطر المعالج للدواب. قوله: (أي عليه كلام الملائكة) أشار بذلك إلى أن مفعول { يَسْتَمِعُونَ } محذوف، وفي بمعنى على. قوله: (بزعمهم) متعلق بقوله: { يَسْتَمِعُونَ فِيهِ }. قوله: (إن ادعوا ذلك) أي الاستماع من الملائكة، والمعنى: إن فرض أنهم ادعوه فليأت مستمعهم الخ.