التفاسير

< >
عرض

خُشَّعاً أَبْصَٰرُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ
٧
مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ
٨
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ
٩
فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ
١٠
-القمر

حاشية الصاوي

قوله: (حال) أي قوله: { خُشَّعاً } و{ أَبْصَٰرُهُمْ } فاعل به، وأسند الخشوع للأبصار، لأنه يظهر فيها أكثر من بقية البدن. قوله: (أي الناس) أي مؤمنهم وكافرهم.
قوله: { مِنَ ٱلأَجْدَاثِ } جمع جدث بفتحتين، كفرس وأفراس. قوله: { كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } أي في الكثرة والانتشار في الأمكنة. قوله: (لا يدرون أين يذهبون) الخ. اعلم أن الناس حين الخروج من القبور، شبهوا في هذه الآية بالجراد المنتشر، وفي الآية الأخرى بالفراش المبثوث، فمن حين تحيرهم وتداخل بعضهم في بعض، شبهوا بالفراش المبثوث، ومن حيث انتشارهم وقصدهم الجهة التي يجتمعون فيها، شبهوا بالجراد المنتشر، إذا علمت ذلك، فما قاله المفسر لا يناسب تشبيههم بالجراد بل الفراش، هكذا قالوا فتدبر. قوله: (مادين أعناقهم) الخ، أي فمعنى { مُّهْطِعِينَ } مادين الأعناق مع سرعة المشي. قوله: { يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ } الخ، استئناف وقع جواباً عما نشأ من وصف اليوم بالأهوال وشدائدها، كأنه قيل: فما يقول الكافر حينئذ؟ قوله: (كما في المدثر) أي ففي المدثر ما يفيد أن الصعوبة والشدة لخصوص الكافر.
قوله: { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ } تفصيل لما أجمل أولاً في قوله:
{ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ ٱلأَنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } [القمر: 4]. قوله: (لمعنى قوم) أي وهو الأمة. قوله: { فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا } تفصيل لقوله: { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ } فالمكذب والمكذب في الموضعين واحد. قوله: { وَٱزْدُجِرَ } عطف على { قَالُواْ } والمعنى قالوا مجنون وانتهروه. قوله: (وغيره) أي كالضرب والخنق، كانوا يضربونه ويختنقونه حتى يغشى عليه فيتركونه، فإذا أفاق قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
قوله: { فَدَعَا رَبَّهُ } أي بعد صبره عليهم الزمن الطويل، فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يعالجهم فلم يفد فيهم شيئاً. قوله: { أَنِّي مَغْلُوبٌ } بفتح الهمزة في قراءة العامة على حكاية المعنى، ولو حكى اللفظ لقال إنه مغلوب، وقرئ شذوذاً بكسر الهمزة على إضمار القول. والمعنى: فدعا ربه قائلاً: { أَنِّي مَغْلُوبٌ }. قوله: { فَٱنتَصِرْ } أي انتقم لي منهم، وذلك بعد يأسه من إيمانهم حيث أوحى الله إليه، إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، ودعا عليهم أيضاً بقوله
{ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } [نوح: 26] وبقوله: { فَٱفْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الشعراء: 118].