التفاسير

< >
عرض

فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ
١١
وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ
١٢
وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ
١٣
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ
١٤
وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٥
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٦
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٧
-القمر

حاشية الصاوي

قوله: { فَفَتَحْنَآ } عطف على محذوف تقديره فاستجبنا له. قوله: (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: { أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ } أي جميعها ويؤخذ من ذلك أن السماء لها أبواب حقيقة وتغلق وهو كذلك. قوله: { بِمَاءٍ } الباء للتعدية مبالغة، حيث جعل الماء كالآلة التي يفتح بها. قوله: { مُّنْهَمِرٍ } المنهمر الغزير النازل بقوة. قوله: { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً } تمييز محمول عن المفعول، لأن أصله: وفجرنا عيون الأرض. قوله: (تنبع) أي تخرج من العين، ومكث الماء يصب من السماء وينبع من الأرض أربعين يوماً، قيل: كان ماء السماء بارداً مثل الثلج، وماء الأرض حاراً مثل الحميم، وهل كان ماء السماء أكثر أو ماء الأرض أو مستويين أقوال. قوله: { فَالْتَقَى ٱلمَآءُ } أي جنسه الصادق بماء السماء والأرض. قوله: (وغيرها) أي كالصفائح والخشب الذي يسمر فيه الألواح والخيوط ونحوها. قوله: (جمع دسار) وقيل: جمع دسر بسكون السين كسقف وسقف.
قوله: { تَجْرِي } صفة ثانية للموصوف المحذوف. قوله: { بِأَعْيُنِنَا } حال من ضمير { تَجْرِي }. قوله: (منصوب بفعل مقدر) أي مفعول لأجله. قوله: (وهو نوح) أي لأنه نعمة كفروها، إذ كل نبي نعمة على أمته. قوله: (وقرئ) أي شذوذاً. قوله: (هذه الغفلة) أي وهي الغرق على هذا الوجه، وقيل هي السفينة بناء على أنها بقيت على الجودي زماناً مديداً، حتى رآها أوائل هذه الأمة. قوله: (معتبر متعظ بها) أي يعتبر بما صنع الله بقوم نوح، فيترك المعصية، ويفعل الطاعة. قوله: (وكذا المعجمة) أي الذال التي قبل التاء أبدلت دالاً مهملة، وقوله: (وأدغمت) أي الدال المهملة المنقلبة عن المعجمة، وقوله: (فيها) أي في الدال المنقلبة عن التاء.
قوله: { وَنُذُرِ } بإثبات الياء لفظاً وحذفها قراءتان سبعيتان، وأما في الرسم فلا تثبت لأنها من ياءات الزوائد، وكذا يقال في المواضع الآتية. قوله: (وكيف خبر كان) أي فهي ناقصة و{ عَذَابِي } اسمها. قوله: (وهي للسؤال عن الحال) أي فإذا أردت أن تخبر حال شخص تقول له: كيف أنت؟ أصحيح أم سقيم مثلاً؟ قوله: (بوقوع عذابه تعالى) الخ، أي أنه في غاية العدل، فلا ظلم فيه ولا جور. قوله: (سلهناه للحفظ) أي أعنا عليه من أراد حفظه، فهل من طالب فيعان عليه، وليس من كتاب يقرأ عن ظهر قلب إلا القرآن، ولم يكن هذا لبني إسرائيل، ولم يكونوا يقرؤون التوراة إلا نظراً، غير موسى وهارون ويوشع بن نون وعزير صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ومن أجل ذلك افتتنوا بعزير لما كتب لهم التوراة عن ظر قلب حين أحرقت، ومن هذا المعنى قوله تعالى في الحديث القدسي:
"وجعلت من أمتك أقواماً قلوبهم أناجيلهم" . قوله: (أو هيأناه للتذكر) أي بأن أودعنا فيه أنواع المواعظ والعبر، وبالجملة فقد جعل الله القرآن مهيأ ومسهلاً لمن يريد حفظ اللفظ، أو حفظ المعنى، أو الاتعاظ به، فهو رأس سعادة الدنيا والآخرة. قوله: (والاستفهام بمعنى الأمر) أي فهو للتحضيض. قوله: (أي احفظوه واتعظوا به) أي ليكمل لكم الاصطفاء، فإن من أتاه القرآن حفظاً أو اتعاضاً، فقد جعله الله من أهله، ومن جمع بين الأمرين، فهو على أكمل الأحوال.