التفاسير

< >
عرض

ٱلرَّحْمَـٰنُ
١
عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ
٢
خَلَقَ ٱلإِنسَانَ
٣
عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ
٤
ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ
٥
-الرحمن

حاشية الصاوي

قوله: { ٱلرَّحْمَـٰنُ } إما خبر مبتدأ محذوف أي الله الرحمن، أو مبتدإ خبره محذوف، أي الرحمن ربنا، وهذا الوجهان على القول بأن { ٱلرَّحْمَـٰنُ } آية مستقلة، وأما على أنه ليس آية مستقلة، فالرحمن مبتدأ، وخبره { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } وسبب نزولها: أنه لما نزل { ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ } [الفرقان: 60] قال كفار مكة: وما الرحمن؟ فأنكروه وقالو: لا نعرف إلى الرحمن إلا رحمن اليمامة، فنزلت رداً عليهم، وفيها رد عليهم أيضاً حيث قالوا: { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [النحل: 103] فأفاد أن الذي يع لمه هو الرحمن لا غيره، وافتتح هذه السورة بلفظ { ٱلرَّحْمَـٰنُ } إشارة إلى أنها مشتملة على نعم عظيمة، وذلك لأن الرحمن هو المنعم بجلائل النعم كماً وكيفاً، ولذا ذكر قوله: { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [الرحمن: 13] إحدى وثلاثين مرة فيها. قوله: { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } إما من التعليم وهو التفهيم أي عرفه، فالقرآن مفعول ثان، والأول محذوف قدره المفسر بقوله: (من شاء) أي من عباده إنساً وجناً وملكاً، وقدره بعضهم محمداً أو جبريل، رداً على المشركين في قولهم { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [النحل: 103] والأول أولى لعمومه أو من العلامة، والمعنى: جعله علامة وآية يعجز بها المعارضين، وقدم تعليم القرآن على خلق الإنسان، مع أنه متأخر عنه في الوجود، لأن التعليم هو السبب في إيجاده وخلقه.
قوله: { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } هذه الجملة والتي بعدها خبران عن الرحمن أو حالان، وترك العاطف منهما لشدة الاتصال. قوله: (أي الجنس) أي الصادق بآدم وأولاده، وحينئذ فالمراد بالبيان النطق الذي يتميز به عن سائر الحيوان، وهذا أحد أقوال في تفسير الإنسان، وقيل: هو محمد صلى الله عليه وسلم لأنه الإنسان الكامل، والمراد بالبيان علم ما كان وما يكون وما هو كائن، وقيل: هو آدم عيه السلام، والمراد بالبيان أسماء لكل شيء، ما وجد وما لم يوجد بجميع اللغات، فكان يتكلم بسبعمائة ألف لغة أفضلها العربية. قوله: { بِحُسْبَانٍ } متعلق بمحذوف خبر المتبدإ الذي هو { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } تقديره (يجريان). قوله: (بحساب) أشار بذلك إلى أن قوله: { بِحُسْبَانٍ } مصدر مفرد بمعنى الحساب، كالغفران والكفران، ويصح أن يكون جمع حساب، كشهاب وشهبان، ورغيف ورغفان، والمعنى: أن الشمس والقمر يجريان في بروجهما ومنازلهما بمقدار واحد، لا يتعديانه لمنافع العباد، على حسب الفصول والشهور القمرية والقبطية، من مبدإ الدنيا لمنتهاها.