التفاسير

< >
عرض

فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ
٥٢
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٣
مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ
٥٤
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٥
فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ
٥٦
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٧
كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ
٥٨
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٩
-الرحمن

حاشية الصاوي

قوله: (وفي الدنيا) أي ما هو فاكهة في الدنيا، فلا تشتمل الفاكهة على هذا مثل الحنظل، قوله: (أو ما يتفكه به) أي في الآخرة، ولو كان في الدنيا غير فاكهة كالحنظل، وقوله: (والمر منها) الخ، مبني على القول الثاني. قوله: { مُتَّكِئِينَ } أي مضطجعين أو متربعين، فالتوكؤ الاضطجاع أو التربع، لما في الحديث: "أما أنا فلا آكل متكئاً" أي جالساً جلوس المتربع، ونحو من الهيئات التي تستدعي كثرة الأكل، فالتوكؤ في الدنيا مذموم، وفي الآخرة غير مذموم لارتفاع التكليف. قوله: (أي يتنعمون) الضمير عائد على من في قوله: { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } [الرحمن: 46]. قوله: { بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } هذه الجملة صفة لفرش. قوله: (من السندس) أي وهو ما رق من الديباج. قوله: { وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } { جَنَى } مبتدأ بمعنى مجني خبره { دَانٍ } وأصله دانوا كغاز وقاض. قوله: (يناله القائم) الخ، قال ابن عباس: تدنو الشجرة حتى يجتنبها ولي الله، إن شاء قاعدا، وإن شاء قائماً، وإن شاء مضطجعاً، وقال الرازي: جنة الآخرة مخالفة لجنة الدنيا من ثلاثة أوجه: أحدها أن الثمرة على رؤوس الشجر، في الدنيا بعيدة عن الإنسان المتكئ، وفي الجنة يتكئ والثمرة تتدلى إليه، وثانيها أن الإنسان في الدنيا يسعى إلى الثمرة ويتحرك إليها، وفي الآخرة تدنو منه وتدور عليه، وثالثها أن الإنسان في الدنيا، إذا قرب من ثمرة شجرة بعد عن غيرها، وثمار الجنة كلها تدنو إليه في وقت واحد ومكان واحد. قوله: (في الجنتين) الخ، جواب عن سؤال مقدر حاصله: كيف أتى بضمير الجمع، مع أن المرجع مثنى؟ قوله: { قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ } أي محبوسات على أزواجهن، لا يبغين بغيرهم بدلاً، لما روي أنها تقول لزوجها: وعزة ربي ما أرى في الجنة أحسن منك، فالحمد لله الذي جعلك زوجي، وجعلني زوجتك. قوله: { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ } الطمث الجماع المؤدي إلى خروج دم البكر، ثم أطلق على كل جماع، والمعنى: لم يصبهن بالجماع قبل أزواجهن أحد. قوله: (من الحور) أي فيكن قسمين: إنسيات للإنس، وجنيات للجن. قوله: (أو من نساء الدنيا المنشآت) أي المخلوقات من غير واسطة ولادة، قوله: { إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } أي أن كل واحد من أفراد النوعين، يجد زوجاته في الجنة اللاتي كن في الدنيا إبكاراً، وإن كن في الدنيا ثيبات لم يمسها غيره. قوله: { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ } هذه الجملة نعت لقاصرات أو حال منه. قوله: (صفاء) أي فالتشبيه بالياقوت من حيث الصفاء لا من حيث الحمرة، وفلا يقال مقتضاه أن لون أهل الجنة البياض المشرب بالحمرة. قوله: (أي اللؤلؤ بياضاً) أي فالمرجان يطلق على الأحمر والأبيض، والمراد به هنا الأبيض، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن المرأة من نساء أهل الجنة، يرى بياض ساقها من وراء سعبين حلة حتى يرى مخها" .