التفاسير

< >
عرض

فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ
٧٥
وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ
٧٦
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ
٧٧
فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ
٧٨
لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ
٧٩
تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٨٠
-الواقعة

حاشية الصاوي

قوله: (لا زائدة) أي للتأكيد لأن المقصود القسم، وهذا أحد أقوال فيها، وقيل: هي لام الابتداء؛ دخلت على مبتدإ محذوف تقديره أنا أقسم، حذف المبتدأ فاتصلت بخبره، وقيل: هي نافية ومنفيها محذوف تقديره فلا يصح قول المشركين فيك وفي قرآنك، وقوله: { أُقْسِمُ } الخ، جملة مستأنفة تسلية له صلى الله عليه وسلم. قوله: (بمساقطها لغروبها) هذا قول قتادة، وقيل هو منازلها، وقيل المراد بمواقع النجوم، نزول القرآن نجوماً، فإن الله تعالى أنزله من اللوح المحفوظ، من السماء العليا إلى السفرة، الكتابين جملة واحدة، فنجمه السفرة على جبريل وهو على محمد في عشرين سنة.
قوله: { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } هذه الجملة معترضة بين القسم وجوابه في أثنائها، جملة معترضة بين الصفة والموصوف وهي قوله: { لَّوْ تَعْلَمُونَ } وليس هذا من باب الاعتراض بأكثر من جملة، لأن الجملتين في حكم جملة واحدة. قوله: (أي لو كنتم) الخ، أشار بذلك إلى جوب { لَّوْ } محذوف، إلى أن الفعل منزل منزلة اللام. قوله: (لعلمتم عظم هذا القسم) أي لما فيه من الدلالة على عظيم المقدرة وكمال الحكمة، ولأن آخر الليل الذي هو وقت تساقط النجوم محل الرحمات والعطايا الربانية، قال تعالى:
{ وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ } [ق: 40].
قوله: { لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } أي كثير النفع، وصف بالكرم لاشتماله على خير الدين والدنيا والآخرة، ففيه مزيد البيان والنور والاهتداء، فكل عالم يطلب أصل علمه منه من معقول ومنقول. قوله: (مصون) أي من التغيير والتبديل، فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قال تعالى:
{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9]. قوله: (وهو المصحف) أي وقيل هو اللوح المحفوظ، وعليه فمعنى { لاَّ يَمَسُّهُ } لا يطلع عليه إلا الملائكة المطهرون من الأقذار المعنوية، ولا يكون في الآية دليل لنهي المحدث عن مس المصحف، قوله: (خبر بمعنى النهي) أي فأطلق الخبر وأريد النهي، وإلا فلو أبقي على خبريته، للزم عليه الخلف في خبره تعالى، لأنه كثيراً ما يمس بدون طهارة، والخلف في خبره تعالى محال، وما مشى عليه المفسر أحد وجهين، والآخر أن لا ناهية، والفعل مجزوم بسكون مقدر على آخره، منع ظهوره اشتغال المحل بحركة الإدغام، وإنما حرك بالضم اتباعاً لحركة الهاء. إن قلت: إنه يلزم على هذا الوجه الفصل بين الصفات بجملة أجنبية، فإن قوله: { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } صفة رابعة لقرآن. وأجيب: بأنه لا يتعين أن يكون صفة لجواز جعله خبر لمبتدأ محذوف أي وهو تنزيل. قوله: (منزل) أشار بذلك إلى أن المصدر بمعنى اسم المفعول.