التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١٢
يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ
١٣
-الحديد

حاشية الصاوي

قوله: (اذكر) { يَوْمَ تَرَى } أشار بذلك إلى أن { يَوْمَ } ظرف لمحذوف وهو أحد أوجه، أو ظرف لأجر كريم، والمعنى لهم أجر كريم في ذلك اليوم، أو ظرف ليسعى، والمعنى يسعى نور المؤمنين والمؤمنات يوم تراهم.
قوله: { يَسْعَىٰ نُورُهُم } الخ؛ الجملة حالية لأن الرؤية بصرية، وهذا إذا لم يجعل عاملاً في يوم. قوله: { بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } أي على الصراط. قوله: { وَ } (يكون) { بِأَيْمَانِهِم } قدر (يكون) دفعاً لما قد يتوهم من تسليط يسعى عليه أنه يكون النور في جهاته بعيداً عنه، والمراد بالأيمان جميع الجهات، فعبر بالبعض عن الكل، قال عبد الله بن مسعود: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة، ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم، وأدناهم نوراً من نوره على إبهامه، فيطفأ مرة ويتقد أخرى، وقال قتادة: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من المؤمنين من يضيء نوره إلى عدن وصنعاء ودون ذلك، حتى إن المؤمنين من لا يضيء نوره إلى موضع قدمه" . قوله: (ويقال لهم) أي تقول الملائكة الذين يتلقونهم { بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ } أي بشارتكم العظيمة في جميع ما يستقبلكم إلى غير نهاية. قوله: (أي ادخلوها) أشار بذلك إلى أن قوله: { جَنَّاتٌ } خبر { بُشْرَاكُمُ } على حذف مضاف. قوله: { ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } أي الجنة وما فيها من النعيم المقيم.
قوله: { يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ } بدل من { يَوْمَ تَرَى }. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً، ثم يحتمل أن القراءة الأولى بمعنى هذه ، لأنه يقال: نظره بمعنى انتظره، وذلك لأنه يسرع بالمؤمنين الخالصين إلى الجنة على نجب، فيقول المنافقون: انتظرونا لأنا مشاة لا نستطيع لحقوكم، ويحتمل أن يكون من النظر وهو الإبصار كما قال المفسر، وذلك لأنهم إذا نظروا إليهم، استقبلوهم بوجوههم فيضيء لهم المكان. قوله: (أمهلونا) أي تمهلوا لنا لندرككم. قوله: { ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ } أي إلى الموقف أو الدنيا، أو المعنى: ارجعوا خائبين لا سبيل لكم إلى نورنا، وهذا استهزاء بهم، وذلك لأنهم لا يستطيعون الرجوع إلى الموقف ولا إلى الدنيا.
قوله: { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ } الفعل مبني للمفعول، وبسور نائب فاعل والباء زائدة. قوله: (قيل هو سور الأعراف) وقيل: حائط يضرب بين الجنة والنار موصوف بما ذكر، وقيل: هو كناية عن حجبهم عن النور الذي يعطاه المومنون. قوله: { لَّهُ بَابٌ } الجملة صفة لسور، وقوله: { بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ } صفة ثانية له أيضاً، ويجوز أن يكون في موضع رفع صفة لباب، وهو أولى لقربه.