التفاسير

< >
عرض

لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ
٥
يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٦
آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ
٧
-الحديد

حاشية الصاوي

قوله: { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ذكره ثانياً مع الإعادة، كما ذكره أولاً مع ابتداء الخلق، فلا تكرار. قوله: { تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } بفتح التاء وكسر الجيم مبنياً للفاعل، وبضم التاء وفتح الجيم مبنياً للمفعول، قراءتان سبعيتان في جميع القرآن. قوله: (يدخله) { فِي ٱلنَّهَارِ } (فيزيد) أي النهار بسبب دخول الليل فيه، وكذا يقال في النهار. قوله: (بما فيها من الأسرار والمعتقدات) أي من خير وشر.
قوله: { آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } لما ذكر أنواعاً من الدلائل الدالة على التوحيد، شرع بأمره عبادة بالإيمان، وبترك الدنيا والإعراض عنها، والنفقة في وجوه البر. قوله: (دوموا على الإيمان) جواب عما يقال: إن الخطاب للمؤمنين، وحينئذ ففيه تحصيل الحاصل، وهذا نتيجة ما قبله، لأنه لما ذكر أدلة التوحيد ولا شك أن التفكر فيها، يزيد في الإيمان ويوجب الدوام عليه نتج منه الأمر بالدوام على الإيمان. قوله: (من مال من تقدمكم) الخ، أي فأنتم خلفاء عمن تقدمكم، ويصح أن المعنى من الأموال التي جعلكم الله خلفاء في التصرف فيها، فهي في الحقيقة له لا لكم، واعلم أن الأموال في الحقيقة لله تعالى، فخلف فيها أدم يتصرف فيها، وأولاده خلف عنه، وحينئذ فالخلافة إما عمن له التصرف الحقيقي وهو الله تعالى، أو عمن تصرف فيها قبله، ممن كانت في أيديهم وانتقلت لهم، وفي هذا حث على الإنفاق، وتهوين له على النفس، فلا ينبغي البخل بمال الغير، بل ينفقه في الوجوه التي تنفعه في المعاد. قوله: (وسيخلفكم فيه من بعدكم) أي من المال الذي هو بأيديكم، سواء كان من مال من تقدمكم، أو من مال اكتسبتموه بأنفسكم. قوله: (وهي غزوة تبوك) بالصرف نظراً للبقعة، ومنه للعلمية والتأنيث، وهو مكان على طرف الشام، بينه وبين المدينة أربع عشرة مرحلة، كانت تلك الغزوة في السنة التاسعة بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من الطائف، وهي آخر غزواته، ولم يقع فيها قتال، بل لما وصلوا إلى تبوك، وأقاموا بها عشرين ليلة، وقع الصلح على دفع الجزية، فرجع صلى الله عليه وسلم بالعز والنصر العظيم، وتقدم تفصيلها في سورة براءة. قوله: (أشارة إلى عثمان) أي فإنه جهز في تلك الغزوة ثلاثمائة بعير، بأقتابها وأحلاسها وأحمالها، وجاء بألف دينار وضعها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية: حمل عثمان في جيش العسرة على ألف بعير وسبعين فرساً، وقال في حقه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما على عثمان ما فعل بعد هذا" وفي رواية: "غفر الله لك يا عثمان، ما أسررت وما أعلنت، وما هو كائن إلى يوم القيامة، ما يبالي ما عمل بعدها" ولا خصوصية لعثمان بهذه الإشارة، بل غيره بذل فيها جهده. قوله: { لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ } أي عظيم.