التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٢
ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٣
-المجادلة

حاشية الصاوي

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ } الخ، الحكمة في هذا الأمر، تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتفاع الفقراء، والنهي عن الإفراط في السؤال، والتمييز بين المخلص والمنافق، ومحب الدنيا ومحب الآخرة، واختلف في هذا الأمر، فقيل للندب، وقيل للوجوب، روي عن علي كرّم الله وجهه أنه قال: إن في كتاب الله آية ما عمل بها أحد غيري، كان لي دينار فصرفته بعشرة دراهم، وناجيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر مرات، أتصدق في كل مرة بدرهم، وكان يقول: آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي، وهي آية المناجاة. وروي عنه أيضاً قال: لما نزلت { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم ما ترى ديناراً؟ قلت: لا يطيقونه، قال: فنصف دينار؟ قلت لا يطيقونه، قال: فكم؟ قلت: شعيرة، قال: إنك لزهيد، أي قليل المال، ففي هذه الآية منقبة عظيمة لعلي بن أبي طالب، وليس فيها ذم لغيره من الصحابة، وذلك لأنه لم يتسع الوقت ليعملوا بهذه الآية، ولو اتسع الوقت، لم يتخلفوا عن العمل بها، وعلى القول باتساعه، فلعل الأغنياء كانوا غائبين، والفقراء لم يكن بأيديهم شيء. قوله: (أردتم مناجاته) أشار بذلك إلى أن الماضي ليس على حقيقته أخذاً من قوله: { فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ }.
قوله: { ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ } أي التقديم خير لما فيه من طاعة الله ورسوله. قوله: (يعني فلا عليكم) أشار بذلك إلى أن جواب الشرط محذوف، وقوله: { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } تعليل للمحذوف ودليل عليه. قوله: (ثم نسخ ذلك) أي الأمر بتقديم الصدقة بعد أن استمر زمناً، قيل هو ساعة، وقيل يوم، وقيل عشرة أيام، واختلفوا في الناسخ للأمر، فقيل هو الآية بعده وعليه المفسر تبعاً للجمهور، وقيل هو آية الزكاة. قوله:(بقوله) { ءَأَشْفَقْتُمْ } الخ، مراده الآية بتمامها. قوله: (بتحقيق الهمزتين) الخ، أشار بذلك لأربع قراءات سبعيات، وبقي قراءة خامسة سبعية، وذلك لأن التحقيق إما مع إدخال ألف أو بدونه.قوله: (الفقر) أشار بذلك إلى أن مفعول { ءَأَشْفَقْتُمْ } محذوف، والمعنى أخفتم من تقديم الصدقة الاحتياج؟.
قوله: { فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ } يحتمل أن إذ باقية على بابها من المضي، والمعنى: إن تركتم ذلك فيما مضى، فتداركوه بإقامة الصلاة الخ، ويحتمل أنها بمعنى إن الشرطية. قوله: { وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } الجملة حالية أو مستأنفة معترضة بين الشرط وجوابه. قوله: (رجع بكم عنها) أي عن وجوبها، فنسخها تخفيفاً عليكم. قوله: (أي دوموا على ذلك) أي المذكور من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله.