التفاسير

< >
عرض

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١
-الحشر

حاشية الصاوي

قوله: { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } الخ، قال المفسرون: نزلت في بني النضير، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل المدينة في مبادئ الهجرة، صالحه بنو النضير على ألا يكونوا عليه ولا معه، فلما غزا بدراً وظهر على المشركين قالوا: هو النبي الذي نعته في التوراة لا ترد له راية، فلما غزا أحداً وهزم المسلمون، ارتابوا وأظهروا العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ونقضوا العهد، وركب كعب بن الأشرف في أربعين راكباً من اليهود، فأتوا قريشاً فحالفوهم وعاقدوهم على أن يكونوا معهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل أبو سفيان في أربعين، واجتمع مع كعب عند الكعبة، وأخذ بعضهم على بعض الميثاق، ثم رجع كعب وأصحابه إلى المدينة، فأخبر الله النبي بذلك، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل كعب بن الأشرف، فدخل عليه محمد بن مسلمة ومعه أربعة من الأوس، فقتلوه في حصنه غيلة، فألقى الله الرعب في قلوب بني النضير، وكان قتله في ربيع الأول من السنة الثالثة، وكانت غزوة بني النضير في ربيع الأول من السنة الرابعة، وكانوا بقرية يقال لها زهرة، على ميلين من المدينة، فلما سار إليهم رسول الله، وجدهم ينوحون على كعب بن الأشرف، فقالوا له: يا محمد ذرنا نبكي شجوناً ثم ائتمر أمرك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اخرجوا من المدينة، فقالوا: الموت أقرب إلينا من ذلك، ثم تنادوا بالحرب، ودس المنافقون عبد الله بن أبي وأصحابه إليهم، ألا يخرجوا من الحصن، فإن قاتلوكم فنحن معكم ولا نخذلكم ولننصرنكم، ولئن أخرجتم لنخرجن معكم، ثم إنهم أجمعوا على الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأرسلوا إليه أن اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك، وليخرج منا ثلاثون، حتى نلقتي بمكان نصف بيننا وبينك، فيسمعون منك، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثين من أصحابه، وخرج ثلاثون حبراً منهم، حتى كانوا في براز الأرض، قال بعض اليهود لبعض: كيف تخلصون إليه، ومعه ثلاثين رجلاً من أصحابه، كل يحب الموت قبله؟ ولكن أرسلوا إليه: كيف نفهم ونحن ستون، اخرج في ثلاثة من أصحابك، ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا، فيسمعون منك، فإن آمنوا بك آمنا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة من أصحابه، وخرج ثلاثة من اليهود معهم الخناجر، وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره الله بذلك، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان من الغد، غزا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب، فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، فقذف الله في قلوبهم الرعب، وأيسوا من نصر المنافقين الذين عاهدوهم، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح، فأبى عليهم إلا أن يخرجوا من المدينة على من يأمرهم به، فقبلوا ذلك، فصالحهم على الجلاء، وعلى أن كل أهل بيت يحمل على بعير ما شاؤوا من متاعهم ما عدا السلاح، ففعلوا ذلك، وخرجوا من المدينة إلى الشام إلى أذرعات وأريحاء، إلا أهل بيتين من آل الحقيق وآل حيي بن أخطب، فإنهم لحقوا بخيبر، ولحقت طائفة بالحيرة، ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان، سفيان بن عمير وسعد بن وهب فأحرزا ما لهما. قوله: { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } الجملة حال من لفظ الجلالة.