التفاسير

< >
عرض

قُلْ يَٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ
١٣٥
وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَٰمِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـٰذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ
١٣٦
-الأنعام

حاشية الصاوي

قوله: { ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } هذا أمر تهديد وزجر، نظير قوله تعالى: { { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } [فصلت: 40]، وقوله عليه الصلاة السلام "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" والمكانة إما من التمكن وهو الاستطاعة فتكون الميم أصلية، أو من الكون بمعنى الحالة فتكون زائدة، والمفسر جعلها بمعنى الحالة. قوله: { مَن } (موصولة مفعول العلم) أي و { تَكُونُ } صلتها، و { عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِ } اسمها، و { لَهُ } خبرها، وعلم عرفانية متعدية لواحد، ويصح أن تكون ما استفهامية مبتدأ، وجملة تكون مع اسمها وخبرها المبتدأ، والمبتدأ والخبر في محل نصب سدت مسد مفعول: { تَعْلَمُونَ }. قوله: (أي العاقبة المحمودة في الدار) أشار بذلك إلى أن الإضافة على معنى في، والمراد بالعاقبة المحمودة الراحة التامة والسرور الكامل. قوله: (أنحن أم أنتم) هذا يناسب كون من استفهامية لا موصولة، وإلا لو جعلها موصولة لقال فسوف تعلمون الفريق الذي له عاقبة الدار. قوله: { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ } استئناف كأنه واقع في جواب سؤال مقدر تقديره ما عاقبتهم، فقال إنه لا يفلح الظالمون.
قوله: { وَجَعَلُواْ للَّهِ } هذا من جملة قبائحهم وخسران عقولهم، وجعل فعل ماض، والواو فاعل، و { للَّهِ } جار ومجرور متعلق بمحذوف مفعول ثان مقدم، و { نَصِيباً } مفعول أول مؤخر، و { مِمَّا ذَرَأَ } متعلق بجعلوا. قوله: { مِنَ ٱلْحَرْثِ } متعلق بمحذوف حال من مما ذرأ. قوله: (الزرع) أي ما يزرع كان حباً أو غيره. قوله: { وَٱلأَنْعَٰمِ } أي الإبل والبقر والغنم. قوله: (ولشركائهم) متعلق بمحذوف تقديره وجعلوا لشركائهم، وأشار المفسر بذلك إلى أن في الآية اكتفاء بدليل التفصيل بعد ذلك بقوله وهذا لشركائنا. قوله: (إلى سدنتها) أي خدمتها.
قوله: { فَقَالُواْ } هذا تفريغ على الشق المذكور والشق المطوي. قوله: { بِزَعْمِهِمْ } الزعم الكذب ومصبه قوله بعد: { وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا } فمحط الكذب التنصيف، حيث جعلوا نصف ما خلق الله وأنشأه من الحرث والأنعام له، ونصفه لشركائهم، وحق الجميع أن يكون لله، ويحتمل أن الزعم من حيث ادعائهم الملك وإنشاء الجعل من عندهم، والملك في الحقيقة لله. قوله: (بالفتح والضم) أي فهما قراءتان سبعيتان: الأولى لغة أهل الحجاز، والثانية لغة بني أسد، وفي لغة بالكسر، لكن لم يقرأ بها، والكل بمعنى واجد. قوله: (فكانوا إذا سقط في نصيب الله شيء من نصيبها التقطوه) أي وكانوا إذا رأوا ما عينوه لله أزكى، بدلوه بما لآلهتهم، وإن رأوا ما لآلهتهم أزكى تركوه حباً لها، وإذا هلك ما جعلوه لها، أخذوا بدله مما جعلوه لله، ولا يفعلون ذلك فيما جعلوه لله. قوله: (أي لجهته) أي لجهة مراضيه، وإلا فيستحيل على الله الوصول والجهة. قوله: { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } ساء فعل ماض، وما اسم موصول فاعل، ويحكمون صلته، والمخصوص بالذم محذوف قدره المفسر بقوله حكمهم، وقوله: (هذا) بدل من حكمهم، لأن حكمهم مبتدأ، والجملة قبله خبره.